من الصعب جدا تقييم القمم العربية من ناحية الفشل او النجاح. القمم العربية كانت في معظمها عبارة عن آلة لانتاج الكلام حسب معظم المراقبين والكتاب العرب انفسهم. كل القمم العربية كانت فاشلة اذا اخذنا في الاعتبار مدى التقيد في تنفيذ قراراتها.
النجاح او الفشل كان دائما مرتبطا بمستوى رؤوساء الوفود او انسحاب الوفود. في هذه القمة لم ينسحب اي وفد ولهذا يعتبره البعض نجاحا كبيرا.
سوريا الغائبة لعبت الدور البارز في هذه القمة وتمكنت من ازاحة المعارضة اي الائتلاف خارج كل المعادلات العملية. كل ما روّج له الائتلاف من انه حصل على الكرسي السوري لم يتعد كونه فقاعات هوائية. بل اصبح الكرسي السوري مكان الهيبة ومصدرا للقلق والخوف لدى بعض الوفود، لاسيما الخليجية منها.
اما من ناحية الحضور فانه يعتبر فاشلا حيث غابت عنه تركيا التي كانت تحضر القمم بصفة ضيف ولكن في الواقع كانت تلعب دور العرا ب في مجمل القضايا الحساسة في اعمال القمم السابقة.
هناك قول تركي شائع يقول: قدوم يوم الخميس واضح من مساء الاربعاء. وهكذا كان من الواضح ان الائتلاف سيغيب عمليا في القمة وذلك عندما تبين عدم اشتراك تركيا فيه و التي هي في الواقع الراعي والحاضن الحقيقي للمعارضة السورية.
المحصلة النهائية لنتائج القمة هو ان السوريين فقدوا الثقة بكل الدول التي اعطت الوعود العسلية لهم. كذلك بات واضحا ان اغداق الاموال ليس كافيا في انجاح الثورات، بل قد تؤدي الى نتائج عكسية تماما وهذا ما نراه حاليا على ارض الواقع من خلال تهم الفساد والنهب بين المعارضين انفسهم.
بقاء الازمة السورية في الظل له اسباب اخرى ولعل من اهمها هو الانصراف الامريكي الغربي الى التركيز على الاوضاع الخطيرة الناجمة عن الازمة الاوكرانية والتي ستتحرك بسرعة السلحفاة في السنتين القادمتين من عهد الرئيس باراك اوباما. لن يكون هناك اي دور عسكري غربي في الازمة الاوكرانية وانما سيكون الصراع اقتصاديا وعلى المدى الطويل. الغرب ليس لديه الوقت ليضيعه في الازمة السورية المعقدة وقد استوعب المشاركون في القمة هذا الوضع الطارئ.
السبب الآخر في الفشل امام سوريا هو الخلافات بين دول مجلس التعاون الخليجي الذي يزداد عمقا.
الا ان اهم الاسباب في ابتعاد الدول العربية عن الازمة السورية كان في الحضور الطاغي للقذافي في هذه القمة و هو ان القادة في القمة تذكروا قول القذافي الذي قال في احدى القمم بعد اندلاع الثورة في تونس او مصر: بكره الدور جاي عليكم كلكم…..ولكن الجميع ضحك من كلامه…..
اصداء كلمات القذافي هي التي جعلت القمة اكثر واقعية وتواضعا واقل صراخا هذه المرة.
التساؤل المقلق هو: هل ستبدأ الثورة القادمة في دول عربية آخرى؟ وهل ستكون بمؤامرة من احدى دولها؟