شهدت الكويت الفترة الأخيرة حملات تفتيش واسعة تقوم بها أجهزة مختلفة، لكن بعد جولة ميدانية لـ«الجريدة»، ومشاهدة الكثافة العمالية في تلك المناطق، والأسلاك الشائكة المنتشرة في جليب الشيوخ، منذ أزمة «كورونا»، تبين أن تلك القرارات السريعة لا تسمن ولا تغني من جوع، ولا تعتبر حلاً جذرياً لمشكلة موجودة. شهدت الكويت، خلال الأسبوع قبل الماضي، حادثة حريق المنقف المأساوية، التي راح ضحيتها عشرات القتلى والمصابين من جاليات وافدة، حيث قامت الحكومة بأجهزتها المختلفة بحملة تفتيش واسعة على العمارات المخالفة، وأماكن السكن التي تفتقر لأبسط قواعد السلامة. أماكن سكن تفتقر لأبسط قواعد السلامة وحسب جولة ميدانية لـ «الجريدة» على مجموعة من المناطق (الفحيحيل، المنقف، المهبولة، جليب الشيوخ، نادي فروسية الجهراء) لفهم سوق السكن العمالي غير الرسمي، كانت طريقة الحصول على تلك العينات عبر الاستعانة بعاملين وافدين يقومان بدور البحث عن الاشتراك مع أي مجموعة مستأجرة تلك الغرف، ومع صعوبة الوصول للعينات المطلوبة لعدة أسباب أهمها: تغييب المعلومات، والتهرب من الرد بشكل متعمد، والتغير السريع في أعداد العمال داخل العينة الواحدة، لا يوجد شكل محدد لأماكن النوم، فهناك صالات كبيرة وغرف صغيرة وكبيرة، إلا أنه اتضح خلال الجولة أن الكثير من العمال المستأجرين في منطقة المنقف يبحثون عن بديل داخل المناطق القريبة كالفحيحيل ومناطق مختلفة أخرى. السلامة والاشتراطات الصحية تعاني العمارات السكنية والبيوت المتهالكة واسطبلات الخيل في تلك المناطق من عدم تطبيق شروط السلامة والنظافة، حيث شاهدنا في جولتنا انتشار القمامة والأنقاض داخل المباني، ورماد الفحم المستخدم في شرب الشيشة، وخروج المجاري في شوارع إحدى تلك المناطق المكتظة بالعمال، كما رصدنا الكلاب الضالة والقطط داخل مساكن العمال. جولات التفتيش شهدت الكويت في الفترة الأخيرة حملات تفتيشية واسعة تقوم بها أجهزة مختلفة، لكن بعد الجولة الميدانية ومشاهدة الكثافة العمالية في تلك المناطق والأسلاك الشائكة المنتشرة في جليب الشيوخ منذ أزمة «كورونا» تبين أن تلك القرارات السريعة لا تسمن ولا تغني من جوع، ولا تعتبر حلاً جذرياً لمشكلة موجودة. أما قطع التيار الكهربائي ومطالبة تعديل قانون البلدية في الوقت الراهن فلن يسهما في القضاء على المساكن العمالية غير الشرعية إنما يخلقان مشكلة جديدة هي إيجاد مواقع إيواء لتلك الجموع العمالية، أي اننا أمام مخاوف من معالجات قاصرة تنتج أزمات فرعية لا نهاية لها. الاستثمار الداخلي إنشاء جهاز واحد لتنظيم الحياة الاقتصادية وتنويع مصادر الدخل، يضم جميع الإدارات العامة التي تعمل في حقول الصناعة والتجارة والحرف المتنوعة في جهاز واحد مثل (الصندوق الوطني لرعاية المشروعات الصغيرة والمتوسطة، هيئة تشجيع الاستثمار المباشر، الهيئة العامة للصناعة، هيئة مشروعات الشراكة بين القطاعين العام والخاص) فكرة تخدم التنمية، وتعالج توحيد السياسات والاستراتيجيات داخل رؤية واحدة، وبالتالي يمكن معرفة احتياجات السوق الحالية والمستقبلية من العمال والتي تحتاج إليها قطاعات التنمية المختلفة. منظومة السكن لا يوجد قانون ينظم السكن داخل الكويت إلا قانون 125 لسنة 1992 الخاص بسكن غير العائلات في المناطق السكنية، أما التشريعات الخاصة بتنظيم السكن في المناطق الاستثمارية والتجارية، والذي يوضح النسب المسموحة لسكن العمال، وكيفية الفصل بين الجنسين، وطريقة مراقبة أعداد القاطنين وتحديد أشكال السكن (شقق – غرف) فإنها مفقودة ولا يوجد لها اثر في التوزيع السكني. أيضاً وضع آلية للمساكن المؤقتة والدائمة داخل المنشآت الصناعية، وتنظيم ذلك يساهم فعليا في زيادة الإنتاجية، ويسهل مراقبة الأجهزة المختصة، حيث نجحت (آلية تخصيص 10 في المئة من المساحة في زمن كورونا) بتقليل انتشار الفيروس بين العمال. كما تذكر دراسة تحت مسمى «إسكان الكويتيين» أن العمارات السكنية تقدر 13000 عمارة، وان نسبة 71% من غير الكويتيين تعيش بالمناطق الاستثمارية. المدن العمالية نجحت إمارة أبوظبي في تطوير 30 مدينة عمالية بطاقة استيعابية تقدر 450 ألف عامل تقبل الزيادة مستقبلا إلى 500 ألف، حيث استثمرت 12 مليار درهم لبناء تلك المدن التي من خلالها تستطيع جذب الاستثمارات الخارجية. أما في الكويت فتتعطل المدن العمالية دون أسباب واضحة، خصوصا أن الحكومة تسعى لتنويع مصادر الدخل غير النفطي، وجعل الدولة مركزا ماليا وتجاريا. وتتميز تلك المناطق العمالية بعقود إيجار طويلة تمتد لعقود من الزمن، حيث تضمن العوائد المستقرة في وعاء المالية العامة، وتضمن استمرار التنمية المستدامة داخل القطاعات المختلفة.