أكدت الولايات المتحدة نجاح أكبر عملية تبادل للسجناء بين روسيا والغرب منذ حقبة الحرب الباردة، حيث تم إطلاق سراح 24 شخصا في المجمل.
وقال البيت الأبيض الخميس الاول من اغسطس 2024 إن 16 سجيناً أطلِق سراحهم من روسيا، من بينهم مراسل وول ستريت جورنال إيفان غيرشكوفيتش.
وفي المقابل، أطلِق سراح ثمانية روس من سجون في الولايات المتحدة والنرويج وألمانيا وبولندا وسلوفينيا، من بينهم أفراد متهمون بأنشطة استخباراتية. كما عاد أطفال اثنين من السجناء إلى روسيا.
وتم التبادل على المدرج في مطار أنقرة.
وأكد الرئيس الأمريكي جو بايدن أن الجندي السابق في مشاة البحرية الأمريكية بول ويلان والصحفية الروسية الأمريكية ألسو كورماشيفا والناشط الروسي البريطاني فلاديمير كارا مورزا، الذي يحمل البطاقة الأمريكية الخضراء، وصلوا إلى الولايات المتحدة.
و جرى الإعداد للصفقة منذ أكثر من 18 شهراً، ويبدو أنها كانت تتوقف على طلب موسكو عودة فاديم كراسيكوف، الذي كان يقضي عقوبة بالسجن مدى الحياة في ألمانيا بتهمة تنفيذ عملية اغتيال في حديقة برلين، وعاد الآن إلى روسيا.
ووصف كبار المسؤولين في الإدارة الأمريكية كراسيكوف بأنه “رجل سيء” وقالوا إنه “بالتأكيد أكبر سمكة ترغب روسيا في عودتها”، تعبيراً عن كونه أثمن ما اقتنصته موسكو من هذه الصفقة.
والتقى الرئيس الروسي فلاديمير بوتن ومسؤولون كبار آخرون، إلى جانب حرس الشرف، بالروس العائدين، في مطار فنوكوفو بموسكو.
وكانت مناقشات تبادل السجناء السابقة قد شملت زعيم المعارضة الروسي المسجون أليكسي نافالني، لكن انهارت تلك المساعي عندما توفي في فبراير الماضي.
ورحبت أرملته يوليا بالمبادلة ووصفتها بأنها “ابتهاج”.
وقالت في منشور على منصة إكس: “كل سجين سياسي يُطلق سراحه هو انتصارٌ كبيرٌ ومدعاة للاحتفال”.
وأضافت أنه “لا ينبغي أن يَحتجز بوتن أحداً كرهينة، أو يتعرض أحدٌ للتعذيب، أو يُترك ليموت في سجونه”.
ويرى البيت الأبيض أن هذه الصفقة هي التبادل الأكثر تعقيداً في تاريخ الولايات المتحدة وروسيا.
وأطلق بايدن عليها اسم “إنجاز دبلوماسي”، مضيفاً أن العديد من الدول “شاركت في مفاوضات صعبة ومعقدة بناءً على طلبي وأنا أشكرهم شخصياً”.
وأضاف أن المفرج عنهم أدينوا في “محاكمات صورية” وحُكم عليهم “بمدد سجن طويلة دون أي سبب مشروع على الإطلاق”.
وانضم بايدن إلى أقارب الأميركيين الثلاثة وكارا مورزا في مكالمة من المكتب البيضاوي بعد اكتمال عملية التبادل.
وقال وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي إنه يرحب بالإفراج، لاسيما عن كارا مورزا وويلان، اللذين يحملان الجنسية البريطانية.
في الوقت نفسه، قال الكرملين في بيان إن 13 سجيناً حصلوا على العفو من أجل تأمين عودة الروس المحتجزين في السجون في الخارج.
ولم يرد أي تفسير لسبب عدم إدراج أسماء اثنين من الألمان المفرج عنهم، وهما باتريك شوبل وهيرمان مويزيس، في قائمة العفو.
كما أُفرِج عن المواطن الألماني ريكو كريغر، الذي حُكم عليه بالإعدام في بيلاروسيا قبل أن يعفو عنه زعيم البلاد ألكسندر لوكاشينكو مؤخرا
وكان السجينان السياسيان الروسيان إيليا ياشين وأوليغ أورلوف من بين المشمولين في الصفقة.
وأصر المستشار الألماني أولاف شولتز على أن التبادل كان “القرار الصحيح، وإذا كانت لديكم أي شكوك، فسوف تتخلصون منها بعد التحدث إلى أولئك الذين أصبحوا الآن أحراراً”.
وأضاف بعد لقائه ببعض السجناء لدى وصولهم إلى مطار كولونيا بون: “كان العديد من السجناء يخشون على صحتهم بل وعلى حياتهم”.
وقالت الرئاسة التركية إن السجناء من جانبي الصفقة هبطوا من طائراتهم في مطار أنقرة، وجرى نقلهم إلى أماكن آمنة تحت إشراف مسؤولي الأمن الأتراك، ووضعهم على متن طائرات متجهة إلى بلدانهم المنشودة.
وأوضحت أن 26 فرداً شملتهم عملية التبادل، من بينهم طفلان، أكد مسؤول أمريكي عودتهما إلى روسيا بصحبة والديهما أرتيوم دولتسيف وآنا دولتسيفا، وهما زوجان روسيان أُدينا بالتجسس في سلوفينيا، وكانا جزءاً من الصفقة.
تأتي عملية التبادل بعد أيام من تكهنات حول تبادل كبير بين دول مختلفة، وزادت تلك التكهنات بعد نقل العديد من المنشقين والصحفيين المسجونين في روسيا من زنازينهم إلى أماكن غير معروفة.
وعلى الرغم من شيوع عمليات النقل السرية للسجناء في روسيا، إلا أن حالات الاختفاء المتعددة للسجناء المعروفين كانت غير عادية.
وحدثت آخر عملية بارزة لتبادل السجناء في ديسمبر عام 2022، عندما تم تبادل نجمة كرة السلة الأمريكية بريتني غرينر على مدرج مطار أبو ظبي، مقابل تاجر الأسلحة الروسي سيئ السمعة فيكتور بوت، الذي كان محتجزاً في سجن أمريكي لمدة 12 عاماً.
وجرت آخر عملية مماثلة في فيينا في عام 2010، عندما جرى تبادل 10 جواسيس روس محتجزين في الولايات المتحدة مقابل أربعة يُزعم أنهم عملاء مزدوجون، كانوا محتجزين في روسيا.
وكان أحد هؤلاء السجناء سيرغي سكريبال، ضابط الاستخبارات العسكرية السابق، الذي تعرض للتسمم لاحقاً بغاز الأعصاب “نوفيتشوك” في سالزبوري عام 2018.