مع تنامي القلق عالمياً من انتشار جدري القردة، وعدم توفر لقاحات لاحتواء انتشاره الأخير في أفريقيا، تعود الأنظار من جديد للحيوانات التي تنقل أمراضاً للبشر، ثم تنتشر في شكل وباء متوطن في منطقة أو عالمي.
وقد حفظت الذاكرة البشرية مجموعة من الأمراض من خلال ربط تسميتها بحيوان معين، مثل: داء الكلب، وداء الببغاء، وإنفلونزا الطيور، وإنفلونزا الخنازير، وداء الفيل.
أخطر حيوان على الأرض
لكن بحسب “منظمة الصحة العالمية”، ليست هذه الحيوانات هي الأخطر على البشر، وإنما النواقل، وهي الحشرات التي تنقل أكثر من 17% من الأمراض المعدية للبشر، وعلى رأسها: البعوض والذباب والقمل والبراغيث والقراد.
واليوم، تمثل الأمراض ذات الأصل الحيواني حوالي ثلثي الأمراض المعدية البشرية، مما يتسبب في حوالي مليار حالة من الأمراض البشرية وملايين الوفيات كل عام، وإنفاق مئات المليارات من الدولارات، بسبب الأضرار الاقتصادية على مدى العقدين الماضيين فقط.
وتفيد تقارير المنظمة بأن البعوض هو أخطر حيوان على وجه الأرض للبشر، وأن الأمراض التي تنقلها النواقل تؤدي إلى أكثر من 700 ألف حالة وفاة سنوياً، وتساهم في عبء عالمي ضخم من الأمراض المنهكة.
الأوبئة
وفق “ناشيونال ليبراري أوف ميديسن”، أصيب البشر منذ آلاف السنين، وفي بعض الأحيان بشكل خطير، بمسببات الأمراض التي نشأت في الحيوانات.
وقد تطورت العديد من الأمراض التي يُعرف أنها تنتقل بين البشر، مثل الحصبة والجدري (سابقًا)، من الميكروبات التي تعيش في الحياة البرية.
كما كانت الأصول الحيوانية وراء العديد من الأوبئة الأكثر تدميراً في التاريخ، بما في ذلك طاعون جستنيان (541-542 م)، والموت الأسود (أوروبا، 1347)، والحمى الصفراء (أمريكا الجنوبية، القرن الـ 16)، وتفشي الإنفلونزا العالمي عام 1918.
وحديثاً: فيروس نقص المناعة البشرية / الإيدز، ومتلازمة الجهاز التنفسي الحادة الوخيمة (سارس) في عام 2003، وإنفلونزا الطيور شديدة الضراوة H5N1.
لكن أغلب الأمراض الحيوانية المنشأ المعروفة هي أمراض متوطنة، أي أنها تميل إلى أن تقتصر على منطقة معينة.
أمراض البعوض
يعتبر البعوض أخطر الحيوانات على وجه الأرض. فهو ينقل طفيليات البلازموديوم التي تسبب الملاريا، وكذلك فيروسات شيكونغونيا، وغرب النيل، والحمى الصفراء، وزيكا، بالإضافة إلى 4 أنواع من فيروس حمى الضنك.
ووفق “هيلث ستيت”، القراد هو المسؤول عن التسبب في معظم الأمراض المنقولة بالنواقل في الولايات المتحدة وأوروبا، وهو ناقل للعوامل المسببة لمرض لايم، وداء الإيرليخية، وداء البابيزيا، وداء الأنابلازما، وحمى جبال روكي المرقطة، وحمى القرم والكونغو النزفية، ومرض فيروس هارتلاند.
بينما تحمل البراغيث مسببات الأمراض التي تسبب أمراضاً مثل: الطاعون، والتيفوس الفأري.
وتشمل النواقل الأخرى قمل الجسم، الذي ينشر الحمى الانتكاسية التي ينقلها القمل؛ وذبابة تسي تسي، التي تنقل داء المثقبيات الأفريقي (مرض النوم)؛ وذباب الرمل، الذي ينقل العامل الممرض الذي يسبب داء الليشمانيات.
كذلك تنقل الثدييات الصغيرة، وخاصة القوارض كالفئران عوامل الطاعون، وعدوى فيروس هانتا، وحمى عض الفئران، وحمى لاسا، والسالمونيلا.
داء الكلب وداء الفيل
أما الأمراض المرتبطة بالاتصال بالحيوانات فأشهرها: داء الكلب (السعار) ولا يمكن علاجه عند ظهور أعراضه، لكن يمكن الوقاية منه بالتطعيم.
ومنها أيضاً داء الببغاء، وداء خدش القطط، وداء الفيل؛ هو مرض مؤلم ومشوه للغاية ويسبب تورماً كبيراً في الساقين والقدمين.
ويحدث داء الفيل نتيجة للإصابة بطفيليات تصنف على أنها ديدان خيطية (ديدان أسطوانية) من عائلة الفيلاريات، والتي تنتقل عن طريق لدغات البعوض المصاب.
وهناك أيضاً مرض السلمونيلا، والذي ينتقل إما عن طريق الزواحف والبرمائيات، أو الطيور كالكتاكيت والبط.
وبالنسبة لجنون البقر، فهو مرض تنكسي عصبي غير قابل للشفاء ويؤدي إلى الوفاة دائماً.
أما الفئة الأخيرة من هذه الأمراض فتسمّى “أمراض الإرهاب البيولوجي”، والتي تنقسم بدورها إلى فئات حسب سهولة الانتشار، أو خطورة المرض ومدى تسببه في الوفاة، وأشهرها: الجمرة الخبيثة، والطاعون، والبروسيلا، وحمّى كيو.