بينما عانى اقتصاد مصر الركود منذ ثورة 2011، ما جعل ملايين المصريين يعانون تحت خط الفقر؛ فإن المجموعة الأقل تضررًا التي لم تشعر بأثر هذا التدهور، ولم تؤثر فيهم المشكلات الاقتصادية ولا السياسية، هم أغنى مليارديرات البلاد، والذين زادت ثرواتهم بشكل كبير بعد اندلاع الثورة.
فعندما أعلنت مجلة “فوربس” منذ بضعة أسابيع، قائمتها السنوية لمليارديرات العالم، تضمنت القائمة ثمانية مصريين كان مجموع ثرواتهم 13 مليار دولار في عام 2010، ليصل إلى 23.4 مليار دولارفي قائمة هذا العام، بزيادة معدلها 80?.
تأتي هذه القفزة في ثروات أغنى المصريين، في الوقت الذي تطلب فيه الحكومة من المواطنين شد أحزمتهم والتوفير في مصروفاتهم، وتعلن إجراءات تقشفية متتالية على رأسها إلغاء الدعم في قطاعات أساسية عدة. وبينما شهدت ظروف المعيشة تدهورًا ملحوظًا منذ قيام الثورة؛ فإن أغنى مليارديرات مصر يعيشون ازدهارًا غير مسبوق. ويتحكم الرجال الثمانية الأغنى في مصر- الذين تضمنتهم قائمة مجلة “فوربس”- في 6? من إجمالي ثروة البلاد.
وإن كان بعض هذه الزيادة في الثروة جاء من خارج البلاد. محمد الفايد، مثلًا، دخل قائمة فوربس هذا العام لأول مرة بعد أن باع محال “هارودز” التي كان يملكها في لندن مقابل 1.5 مليار دولار. إلا أن أغلب الثروات التي جمعها مليارديرات القائمة منذ 2011 جاءت من داخل البلاد. فقد ذهبت ثلاثة المراكز إلى أفراد من عائلة منصور، و”مجموعة منصور جروب”: محمد منصور (في المركز الثاني)، وياسين منصور (الرابع)، ويوسف منصور (الخامس)، والذين نجحوا في الوصول إلى القائمة لأول مرة بعد سنوات من التوسع المتواصل في إمبراطوريتهم الاقتصادية العاملة في مجالي العقارات والسلع الاستهلاكية داخل مصر بالأساس.
واحتلت عائلة ساويرس المراتب العليا في قائمة “فوربس” على مدى السنوات الأخيرة، رغم أن مجموع ثرواتهم هبط من 13 مليار دولار في 2010 إلى 12 مليار دولار هذا العام. وذهبت أربعة مراكز في القائمة إلى الأب أنسي (في المركز السابع) وأبنائه ناصف (الأول)، ونجيب (الثالث) وسميح (الثامن). وبالرغم من أن للعائلة استثمارت خارج البلاد؛ فإن المصدر الأساسي لثروتهم هو مجموعة “أوراسكوم” في مصر، والتي تتضمن شركات “أوراسكوم للصناعات الإنشائية، وأوراسكوم للاتصالات، وأوراسكوم القابضة للتنمية”. وقد حصلت “أوراسكوم للصناعات الإنشائية” مؤخرًا على تعاقدات حكومية مهمة في مشروعي توسيع قناة السويس وبناء محطة توليد كهربائي تعتمد على الفحم.
على النقيض من تلك الزيادة في الثروات، تظهر المؤشرات زيادة ملحوظة في معدل الفقر بعد ثورة 2011. وفي حين لا تتوافر إحصاءات رسمية عن العام الماضي؛ فإن الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء كان قد أعلن في 2013 أن 21.5 مليون مصري يعيشون تحت خط الفقر الذي حددته الدولة عند 10.7 جنيه للشخص في اليوم، بينما كان عددهم 16.5 مليون في 2010. كما أظهرت إحصاءات 2013 أن 49.9? من السكان يعيشون على ما يعادل أو يقل عن 13.9 جنيه في اليوم.