اتهم تقرير أبحاث الكونغرس الأميركي، الحكومة الكويتية بعدم الالتزام دائماً بالدستور فيما يتعلق بحرية التعبير والنشر، منتقداً سجن المعارضين والمنتقدين للحكومة، وسحب الجناسي ل بعض منتقديها في وسائل التواصل الاجتماعي أو بتهمة «الإساءة لأمير البلاد» الأمر الذي شوه صورة الكويت كبلد يسود فيه التسامح السياسي.
وانتقد التقرير الذي أعده الباحث المتخصص في شؤون الشرق الأوسط كينيث كاتزمان ونشرته صحيفة ‘القبس’ الكويتية، اليوم السبت، تواضع الجهود الرسمية في ملف الاتجار بالبشر، من أجل الالتزام بالمعايير الدولية في حدودها الدّنيا، كاشفاً عن غياب الجهود الرسمية في تقديم متهمين إلى العدالة، مشيراً إلى أن «الشيعة» في البلاد يشكون من التمييز وتقييد قدرتهم في نيل التعليم الديني.
التيارات السياسية
وأكد التقرير ان الأحزاب السياسية محظورة في الكويت، لكن هناك تجمعات تخوض الصراع في انتخابات مجلس الأمة تحت مسميات مثل «كتل» و«تيارات» و«اتجاهات» أو «جمعيات سياسية» وأبرز هذه التيارات:
1- الليبراليون ويتألفون من النخبة المتعلمة الذين يشكلون القاعدة الأساسية للمعارضة، وكان بينهم من كانوا ينتمون إلى حركة القوميين العرب في الستينات، ومعظمهم تلقى علومه في الخارج.
2- الإسلاميون السنة وهم في الغالب من المعارضين للحكومة وهم من الإخوان المسلمين والسلف.
3- الشباب والمثقفون، ويمثلون المعارضة الأوسع خارج مجلس الأمة، وأصبحوا أكثر نشاطاً منذ اندلاع الربيع العربي أوائل 2011، لكنهم كانوا نشطاء في الكويت قبل ذلك بكثير، ونظموا احتجاجات تحت لافتة «الحركة البرتقالية» و’السور الخامس’.
الربيع العربي فاقم الأزمة
وبين تقرير الكونغرس، أن الانتفاضات العربية التي اندلعت في أوائل عام 2011، أدت إلى توسيع دائرة المعارضة إلى ما هو أبعد من النخبة، ففي أواخر يناير 2011 طالب نواب المعارضة المدعومون من الشباب، الذين يطلقون على أنفسهم ‘السور الخامس’، وزير الداخلية بالاستقالة؛ لفشله في منع التعذيب المزعوم الذي أفضى إلى وفاة شاب كويتي في السجن.
وقد انصاع الوزير للمطالب لتفادي تفاقم الاحتجاجات، وفي مارس 2011، طالب نائب شيعي باستجواب وزير الخارجية على خلفية إرسال الكويت قوات بحرية لدعم الحكومة البحرينية، ولإحباط الاستجواب، قدمت الحكومة استقالتها، وشكل ناصر المحمد حكومة جديدة في الثامن من مايو 2011 (وكانت سابع حكومة يشكلها الشيخ ناصر).
وذكر أن الحكومة تعرضت لضغوط شعبية متجددة في شهر سبتمبر 2011 إثر ورود تقارير بأن مصرفين محليين بارزين أودعا 92 مليون دولار في حسابات عدد من النواب، في إشارة إلى أن الحكومة تشتري ولاء النواب، وخرجت تظاهرات كبيرة خلال الفترة من 21 – 23 سبتمبر 2011 للدعوة لاستقالة رئيس الحكومة، وفي الخامس والعشرين من سبتمبر تبنت الحكومة قانون مكافحة الفساد.
معارضون
وأشار التقرير إلى أنه في السادس عشر من نوفمبر 2011، قام معارضون من خارج مجلس الأمة، بمن فيهم أعضاء في «السور الخامس»، باقتحام مجلس الأمة للمطالبة باستقالة رئيس الوزراء، وبالفعل قدم رئيس الوزراء استقالته في الثامن والعشرين من نوفمبر 2011، وكلف أمير البلاد وزير الدفاع الشيخ جابر المبارك بتشكيل الحكومة في الرابع من ديسمبر 2011، وبعد يومين أوصى – ووافق الأمير – بحل مجلس الأمة وإجراء انتخابات جديدة.
وعشية الانتخابات، أعلن 20 نائباً معارضاً أنهم سيخوضون الانتخابات ضمن كتلة معارضة واحدة، وأعلن قادة الشباب أنهم سيؤيدون المعارضة الذين يطالبون بحكومة منتخبة كليا، بمن في ذلك رئيسها، الذي يتولى مجلس الأمة انتخابه، وبالسماح بإنشاء الأحزاب وتغيير قانون الانتخابات. وقد فاز معارضو الحكومة من إسلاميين وليبراليين بــ 32 مقعدا من أصل 50 في مجلس الأمة، وفشلت المرشحات النساء في الحصول على أي مقعد، ولما أصر المجلس على استجواب وزير الداخلية، استخدم سمو أمير البلاد سلطاته بموجب المادة 106 من الدستور، وعلّق المجلس لمدة شهر.
استخدام القوة
وأشار التقرير إلى أنه على الرغم من استخدام الحكومة القوة لإنهاء الاحتجاجات فلم يحدث أي تغيير في العلاقات مع الولايات المتحدة، ففي 23 أكتوبر 2012 طالبت وزارة الخارجية الأميركية ‘جميع الأطراف لممارسة ضبط النفس’، وانتقدت منع التجمعات، ولم تشر البيانات الصادرة عن زيارة أمير البلاد إلى البيت الأبيض، ولقائه الرئيس أوباما في 13 سبتمبر 2013، إلى أن الوضع السياسي في الكويت كان على طاولة البحث. وتتواصل البرامج الديمقراطية الأميركية في الكويت، وتشمل هذه البرامج المحولة من جهات أميركية، مناقشات مع قادة كويتيين، والدبلوماسية العامة، وبناء مجتمع مدني وتعزيز قدرات الإعلام الكويتي المستقل وتعزيز حقوق المرأة وتوفير مدى واسع من الفرص التعليمية.
البدون يعانون والحريات منقوصة
لا تزال هذه الفئة التي يبلغ تعدادها ما بين 100 – 140 ألف شخص يتعرضون للتمييز، ومنحت الحكومة الجنسية لعدة مئات من هؤلاء خلال الفترة من 2012 – 2014.
وأشار التقرير إلى أن الرقابة الرسمية على النشر انتهت في عام 1992، لكن تقارير وزارة الخارجية الأميركية المتعاقبة تشير إلى أن الحكومة لا تلتزم دائما بالدستور فيما يتعلق بحرية التعبير والنشر.
وبين التقرير أن القانون يحمي حقوق العمال للتشكيل والانضمام إلى النقابات وتنظيم الإضرابات والتفاوض «مع صاحب العمل» جماعيًا، لكنه يتضمن الكثير من القيود.
وأورد تقرير الخارجية الأميركية الأخير (يونيو 2014)، أن الشيعة يشتكون من التمييز وتقييد قدرتهم على الحصول على التعليم الديني أو بناء الحسينيات، واعترفت الكويت رسميًا بالكنائس، ولكن إسلاميي مجلس الأمة سعوا أحيانا لمنع بناء كنائس جديدة في الكويت.
وكرر تقرير حقوق الإنسان السنوي الصادر عن وزارة الخارجية الأميركية هذا العام الانتقادات التي وردت في تقارير السنوات الماضية، وأهمها الحد من حقوق المواطنين لتغيير حكومتهم وفرض القيود على حرية التعبير والتجمع وفرض القيود على حقوق العمال، والاتجار بالبشر، ووردت انتقادات واسعة لقيام الحكومة بسحب جنسية منتقدين للحكومة.
وجددت وزارة الخارجية الأميركية في تقريرها للسنة السابعة عشرة على التوالي، أن الكويت ضمن الدول التي يمارس فيها الاتجار بالبشر، وأن الحكومة «لم تبذل جهودا كافية» للالتزام بالمعايير الدولية في حدودها الأدنى للقضاء على هذه المشكلة، لقد تبنت الكويت قانونا ضد الاتجار بالبشر في مارس 2013، لكنها لم تُظهر جهدا حقيقياً لتقديم المتهمين للعدالة