تحت رعاية وحضور معالي وزير التربية ووزير التعليم العالي الرئيس الأعلى للجامعة الدكتور بدر حمد العيسى وبحضور مدير جامعة الكويت بالإنابة أ.د. حياة الحجي أقامت جامعة الكويت حفل تكريم السيد/عبد العزيز سعود البابطين رئيس مجلس أمناء مؤسسة عبد العزيز سعود البابطين الثقافية، وذلك بمنحه الدكتوراه الفخرية تقديرا لمساهماته وجهوده الأدبية والأكاديمية وسعيه المستمر في خدمة الحضارة الإنسانية من خلال مركز البابطين لحوار الحضارات، وقد حضر الحفل عمداء الكليات وأمين عام الجامعة أ.د. نبيل اللوغاني والأمناء المساعدين ونواب مدير الجامعة وعدد من القياديين وأعضاء هيئة التدريس في الجامعة، وأقيم الحفل على مسرح الشيخ عبد الله الجابر – موقع الجامعة بالشويخ.
بداية أكد معالي وزير التربية ووزير التعليم العالي الرئيس الأعلى للجامعة الدكتور بدر حمد العيسى أن هذا التكريم يأتي لشخصية كويتية فذة شخصية عصامية بنت نفسها بنفسها وتدرجت في سلم المعرفة حتى ارتقت إلى مستويات عالية في الأدب والشعر والثقافة، ناهيك عن التجارة والإبداع فيهم جميعاً.
وأضاف د. العيسى أن الأستاذ عبدالعزيز البابطين تحمل عبء المحافظة على الشعر والأدب في الوطن العربي حتى فاقت جهوده وإبداعاته بلده الكويت ففاضت إلى رحاب الوطن العربي، كما اهتم بالتقريب بين الحضارات الحضارة العربية الإسلامية والحضارة الغربية وغيرها، حتى حاز قصب السبق في هذا المضمار وأصبح شخصية مرموقة في البلدان العربية والآسيوية وأمريكا فكان لذلك أثره الطيب على سمعة بلده الكويت.
وأردف قائلاً: “الأخ عبدالعزيز البابطين شخصية مرموقة تستحق التكريم والتقدير في بلدة الكويت قبل غيرها من البلدان التي سارعت إلى تكريمه كذلك ونحن نلتقي في رحاب جامعة الكويت لنقدم له عن استحقاق الدكتوراه الفخرية تعبيراً عن تقديرنا لتاريخه المبدع في مجال الأدب والشعر والثقافة، متمنين له دوام الصحة والعافية.
وبدورها قالت مدير جامعة الكويت بالإنابة الأستاذة الدكتورة حياة الحجي: “أن احتفالنا الأكاديمي التقديري هذا هو احتفالية تقديرٍ وتشريفٍ من جامعة الكويت لإنسان خدم اللغة العربية ديناً ولغة وحضارة فأسس لها جائزة عبدالعزيز البابطين للإبداع الشعري في عام 1989، كما أسس بالإضافة إلى ذلك 4 مقاعد للغة العربية في جامعات اسبانية هي جامعة ملقا وقرطبة وغرناطة واشبيلية، وأقام ندوات عالمية في أسبانيا وفرنسا وسراييفو وبلجيكا وأيضا أكسفورد في الخريف القادم”.
وأضافت أ.د. الحجي أن الأستاذ عبدالعزيز البابطين أسس مركزاً للترجمة بلغت إصدارات 31 إصداراً في مختلف العلوم، وأسس أيضاً مركز البابطين للمخطوطات الشعرية ومكتبة البابطين والتي لها أهمية كبيرة وبها آلاف المخطوطات والكتب القيمة ويلجأ إليها طلابنا الباحثين والدارسين في الدراسات العليا، كما كان له دور في بعثات البابطين للدراسات العليا التي يمنحها للكثير من طلبة العلم في البلاد العربية والإسلامية، مقابل كل هذا استحق البابطين 11 دكتوراه فخرية بالإضافة إلى العديد من الأوسمة منها 9 أوسمة قدمت له شخصياً من رؤساء الدول، ويأتي على تاج هذا الأوسمة وسام الكويت الذي قدم له من حضرة صاحب السمو أمير البلاد حفظه الله ورعاه.
وختمت أ.د. الحجي كلمتها قائلة: “إن وجودك اليوم معنا في رحاب جامعة الكويت هو شرفٌ لنا وحقٌ لك على هذه الجامعة التي نافستها في نشر العلم والمعرفة والخير وستظل ذكرى هذا الاحتفال دوماً صفحة جميلة في سجل تاريخ جامعة الكويت، ولك منا جميعاً الحب والتقدير والامتنان”.
بعد ذلك قام وزير التربية ووزير التعليم العالي الرئيس الأعلى للجامعة د. بدر العيسى مدير جامعة الكويت بالإنابة أ.د. حياة الحجي بمنح السيد عبد العزيز البابطين شهادة الدكتوراه الفخرية.
وبهذه المناسبة ألقى المحتفى به عبد العزيز سعود البابطين كلمة قال فيها: ” لم أشعر بغبطة غامرة مع منحي اثنتي عشرة درجة علمية من جامعات كبرى من مختلف دول العالم، مثلما أشعر اليوم وأنا أمنح هذه الدرجة الرفيعة من قلعة من قلاع الثقافة والعلم في بلدي الحبيب الكويت، فاعتراف الوطن بأبنائه وتكريمهم هو أعلى درجات السمو والنبل الأخلاقي”.
وأضاف قائلا:” لقد نشأت وترعرعت في بلد كان قدره العطاء، بلد يعطي قبل أن يسال، ويضمد جراح الغير قبل أن يسمع الأنين، ويجبر الكسور، ويواسي المصاب، ويعين المتعثر، بلد يقسم جسمه في جسوم كثيرة كما قال شاعرنا القديم عروة بن الورد منذ أمد بعيد:
أقسم جسمي جسوم كثيرة وأحسو قراح الماء والماء البارد
وفي ظل هذا المناخ الإنساني الذي فتحنا عيوننا عليه، وتنفسنا هواءه، فإن العطاء أصبح سمة ملازمة لكل أبناء شعبنا الكريم، حكاما وحكومة، وأفرادا، وأعترف أنني في هذا السبيل الذي درجنا فيه متبع ولست مبتدع، ومقتد ولست بقائد، فأنا أتمثل بمن سبقني وأقتدي بهم باعتبار أن العطاء هو الثراء الحقيقي، وأن احتكار الثروة هو الفقر المدقع، وهو الإفلاس التام.. “
وأكد البابطين اعتزازه الكبير بنيله هذه الدرجة العالية من حصن الثقافة في الكويت، مشيرا إلى أنه لا ينظر لهذه الدرجة على أنها مجرد وسام يعلق على الصدر أو شهادة يزين بها الجدار أو تكريما لشخص بعينه، بل هي رسالة إلى جميع أفراد شعبنا تبلغهم أن حياة أي إنسان تتمثل في قدرته على تحقيق إنجاز ينفع من حوله، ومن يغلق أبوابه ونوافذه على نفسه هو ميت وإن امتد به العمر.
وأضاف قائلا:” رسالة تثني على كل من يشغل شمعة تضيء ما حوله، رسالة تحرض القادرين على أن يوظفوا قدرتهم أو قسطا منها لإسعاد الآخرين”.
وأشار إلى أن هذا هو مغزى التكريم في اعتقاده، إنه إيقاظ للغافلين الذين ظنوا أن الحياة مجرد لهو ولعب، واستكثار بالأموال والأولاد دون أن يدركوا أن الإنسان لم يخلق عبثا، وأن تكريم ابن آدم وجعله سيدا للكون لم يكن مجرد منحة لا ترد، بل هو دين للخالق وللمخلوقات في آن معا عليه أن يرده وإلا كان ممن لا يستحقون الحياة “.
وتقدم البابطين بالشكر العميم لهذا الصرح العلمي السامق الذي منحه هذا التكريم، وهو تكريم يجعله أكثر عزما على أن يواصل طريقه في إنهاض الشعر العربي الذي كان وما زال المبر عن أصالة أمتنا، وأحد معالم هويتنا البارزة، وعلى مد الجسور بين الثقافات والأديان والمذاهب المختلفة، لعلنا نصل إلى زمن تلغى فيه مفردات الحرب والعنف، والتعصب والكراهية.
كما تقدم مرة أخرى بالشكر لهذه الجامعة العريقة وأساتذتها الكرام الذين فتحوا أبواب العلم والمعرفة لأجيال من الشباب ليكونوا طليعة أمتهم في بناء المستقبل، وبذلوا جهودهم ليكون العلم ضرورة لكل فرد من أفراد مجتمعنا وليس رفاهية وترفان والشكر موصول كذلك لمعالي وزير التربية والتعليم العالي الرئيس الأعلى للجامعة على رعايته هذا الحفل.
كما شكر كل من حضور هذا الاحتفال، وأضاف بحضوره مزيدا من السعادة ، داعيا الله أن يديم على هذا البلد نعمة العطاء وأن تظل جامعتنا طودا شامخا للمعرفة وللقيم النبيلة تحت ظل قيادتنا الرشيدة ورعايتها.