مع الأسف الشديد، إن الجدل مع وزير النفط علي العمير أخذ أبعاداً واسعة وهابطة تصعب مجاراتها، من اتهامات لمنتقديه، الذين يسميهم الخصوم، وقال إن فرائصهم ارتعدت خوفاً على مصالحهم، التي لا يريدون أن تصل إليها يد الإصلاح، وهنا يصف نفسه بأنه حامل راية الإصلاح، ويتحدى ما وصفه بالأقلام المسمومة والألسنة الموبوءة، التي اتهمته بأبشع الاتهامات، وطبعاً، يشمل ذلك شخصي المتواضع، بسبب ما كتبته في مقال سابق عن طلبه تحويل إدارة مستشفى الأحمدي من إدارة شركة نفط الكويت إلى المؤسسة، وأنه قدم 43 اسما لشغل المراكز القيادية في الشركات، التابعة للمؤسسة، هو كذب، ثم اعترف بعد أن نشرت إحدى الصحف أسماء 23 اسما، واقتصر اعترافه على الأسماء الـ23 المنشورة، وهو نصف الحقيقة، فالقائمة تضم 43 اسما وليس 23.
أما بشأن نقل المستشفى إلى المؤسسة ليكون تحت سلطته، فقد أشرت في مقال سابق إلى المراسلات المتبادلة التي تثبت صحة ما ذكرته.
وزير النفط العمير يتذرع بأن اقتراحه بتغيير أعضاء مجلس إدارة المؤسسة هو من اختصاصه الأصيل، وما يفعله بهذا الخصوص – أي تغيير مجلس الإدارة – سبق أن فعله وزراء سابقون، آخرهم الوزير السابق هاني حسين.
وفي هذا الصدد، كتب الكاتب خالد سلطان السلطان مقالا في موقع صحيفة الوطن الإلكترونية، ذكر فيه أنني بتاريخ 2013/5/27، وفي مقال سابق لي، امتدحت ما قام به الوزير هاني حسين، واعتبرته خطوة إصلاح وليس انتقاماً، واستغرب موقفي بالموافقة على تلك الخطوة، في حين استنكرت قيام الوزير العمير بعمل مماثل.
نعم، اعتبرت ما قام به هاني حسين إصلاحاً، للأسباب التالية:
– هاني حسين قضى الجزء الأكبر من حياته العملية في قطاع النفط، وتبوأ أغلب المراكز في كل الشركات التابعة للمؤسسة وإداراتها إلى حين تقاعده، وعند قبوله منصب وزير النفط، بعد رفض وتردد وضغوط، طرح وجهة نظره وشروطه، وهي أنه بحكم خبرته في القطاع النفطي كان يرى أن هناك حاجة ماسة لإصلاح القطاع مما يعانيه من ترهل وتجاذبات، وأحياناً صراعات وتضخم في الوظائف، وتدخلات سياسية ووساطات أعضاء مجلس الأمة، وبعد شرح رؤيته لرئيس الوزراء تمت الموافقة على شروطه.
– كانت رؤية هاني حسين في تركيب مجلس الإدارة أن يكون من شخصيات مستقلة من ذوي الخبرة، لكن لا يتبوأون مراكز قيادية إدارية، وكان من بين أعضاء مجلس الإدارة آنذاك مديرو دوائر ورؤساء تنفيذيون، وممثلو وزارات، مثل المالية والكهرباء والبيئة، لا مبرر فنياً لإشراكهم، لأن عطاءهم محدود، هذا إلى جانب الأخذ بعين الاعتبار التعديلات على قانون الشركات، الذي يقضي بالفصل بين رئاسة المجالس والرئيس التنفيذي، وبناء على ذلك، تم ترشيح أعضاء المجلس من قياديين سابقين في القطاع، وهم: خالد بوحمرة رئيس سابق لشركة صناعة الكيماويات، وعبداللطيف التورة رئيس سابق لشركة نفط الكويت، وحمزة بخش مدير التشغيل في شركة نفط الكويت، وعبدالهادي العواد رئيس سابق بشركة نفط الخليج، وأعضاء خارجيون، وهم: عبدالوهاب الوزان وزير سابق، وعبدالله الحميضي تولى مركزا قياديا في «الكيماويات».
بهذه التركيبة أصبح المجلس يضم ثلة من ذوي الخبرات، لذلك هم أكثر عطاء لإدارة القطاع النفطي.
– بشأن رؤساء وأعضاء مجالس الشركات، وهي القضية التي فجرت الخلاف بين العمير ومجلس الإدارة الحالي، فقد أعطى الوزير السابق هاني حسين كامل الحرية لممارسة المجلس صلاحياته في اختيار أعضاء مجالس الإدارات التابعة للمؤسسة، تطبيقا لنص المادة 14 من قانون إنشاء المؤسسة، التي نصت على «أن يتولى مجلس المؤسسة تعيين مجالس إدارات الشركات المملوكة للمؤسسة»، ولحرصه على ذلك كان الوزير هاني حسين يغادر جلسة المجلس عند مناقشة هذا الموضوع.
وبعد اختيار المرشحين للمجالس، وافق على اقتراح المجلس ولم يرفض، رغم تحفظه عن البعض، وهو تصرف محمود يسجل للوزير حسين، وهنا اختلف تصرفه عما قام به الوزير العمير، الذي رفض اختيار المجلس أعضاء مجالس الشركات التابعة، وعطل ذلك ستة أشهر، ثم أحضر قائمته طالباً اعتمادها من المجلس، وأملى أسماء الأعضاء الذين اقترحهم شفويا من دون توضيح سيرهم الذاتية، طالبا اعتمادهم، وبعد إصرار المجلس على فحص السيرة الذاتية لمرشحي قائمته وافق على مضض، ولما فحص المجلس القائمة بواسطة لجان شكلها لهذا الغرض، رشح 17 من 43 من قائمة الوزير، الذي رفض بدوره قرار المجلس، وأصر على اعتماد قائمته بالكامل، التي ضمت أفرادا من محازبيه ودواوين دائرته الانتخابية، ومرشحي أعضاء مجلس الأمة.
– الوزير هاني حسين اتبع الطريق السليم، فلم يضلل أو يراوغ، ولم يعط معلومات خاطئة، فقد كان صريحا وشفافا، في حين أن الوزير العمير أعطى معلومات خاطئة لرئيس مجلس الأمة وللسلطات العليا، وكان يقول إنه يريد تغييرا جزئيا بإضافة ثلاثة أسماء فقط، في حين أن المرسوم الذي تم توقيف صدوره كان عبارة عن تغيير معظم أعضاء المجلس إن لم يكن كلهم.
لهذه الأسباب، كان رأيي ولايزال أن الإجراءات التي اتخذها الوزير هاني حسين هي الأصح والأسلم لمصلحة الارتقاء بأداء أهم قطاع في اقتصاد الكويت ومصدر معيشة أهلها.
ولهذه الأسباب أيضا، شنت جريدة الوطن حملات شنيعة متواصلة ضد الوزير هاني حسين، لأن ما قام به يضر بمصالح أصحابها.
ومن خلال متابعتي لانتقادات جريدة الوطن الورقية سابقا، والإلكترونية حاليا، والتي نُشر مقال السلطان فيها، وما توافر لدي من معلومات أخيراً، اكتشفت أن هناك علاقة بين الوزير العمير وأصحاب جريدة الوطن، ووصلتني معلومات أخرى تؤكد العلاقة الوثيقة بين العمير ومؤسسة الفساد، لدرجة أنه يسافر معهم على طائرتهم الخاصة مثلا إلى القاهرة أو العمرة، وما خفي كان أعظم.
وادعاءات العمير بأن هناك من يريد رفع يد الدولة عن قطاع النفط لا تنطلي على أحد، ونتمنى من الوزير أن يوضح لنا من هم، عدا حلفائه، الذين «بربعوا» في قطاع النفط، كما حدث في صفقة السانتافي، وجريمة الناقلات، فغير هؤلاء، قل لنا من هم الذين يريدون رفع يد الدولة عن القطاع، وأوضح لنا كيف يتم ذلك؟ وما الآلية لتنفيذه؟ أم هي خرافات المحشور في زاوية؟! فادعاءاتك لا تخفي نواياك في الهيمنة، والانفراد في التصرف بهذا القطاع لأغراضك الشخصية ومصالح حلفائك، والمتنفذين، وليكن معلوما أن فكرة رفع يد الدولة عن القطاع النفطي أمر في غاية الاستحالة، لأنه ملك الدولة، ومصدر تمويل ميزانيات إنفاقها، ومن دونه لن يكون هناك شيء اسمه اقتصاد كويتي.
صديق أرسل لي تذكيراً بحكمة تقول: تستطيع أن تخدع كل الناس لبعض الوقت، وأن تخدع بعض الناس كل الوقت، لكن لا تستطيع خداع كل الناس طوال الوقت.