عقد باحث أميركي في البحار مؤتمراً صحافياً اليوم الأربعاء، في نيويورك أعلن فيه أنه سيقوم الأسبوع المقبل بالتنقيب في ما تراكم من طبقات حول حطام سفينة اكتشفه عند الساحل الشمالي لدولة هايتي بجزر الكاريبي، ويكاد يؤكد بأنه حطام السفينة التي وصل بها كولومبوس قبل 522 عاماً إلى أول بر في القارة الأميركية.
وطالب بارّي كليفورد في مؤتمره بالتنقيب السريع في الحطام، لأنه برأيه “حالة مستعجلة” شارحا أن الحطام لا يمكن أن يكون إلا للسفينة “سانتا ماريا” الشهيرة “فقد راجعنا كل البيانات المتعلقة بسفن غرقت في المنطقة، ولم نجد أيا منها غرق في شمال هايتي بالقرن الخامس عشر إلا سانتا ماريا” وفق ما ذكر مما اطلعت عليه “العربية.نت” في مواقع وسائل إعلام أميركية.
واضطر كولومبوس ومن معه إلى إخلائها
وكانت “سانتا ماريا” في أسطول من 3 سفن أبحر في 3 أغسطس 1492 من إسبانيا بحثا عن طريق أقصر نحو آسيا بدعم من عاهل إسبانيا فرديناند وزوجته الملكة ايزابيلا، لبلوغ الهند والصين بشكل خاص، ووصل في 12 أكتوبر ذلك العام الى أول بر بجزيرة “غواناهاني” في الكاريبي، فاكتشف قائده كولومبوس من حيث لا يدري قارة جديدة غيّر بعثوره عليها مسار التاريخ الإنساني، وما يزال.
كانت السفينة هي “الأم” الرافعة العام الإسباني في الأسطول الصغير، وكان على متنها كولومبوس نفسه، لذلك كانت تتقدم السفينتين المرافقتين، “نينا” و”بينتا” في الإبحار بين جزر الكاريبي للتعرف إليها، وحين هبت في 5 ديسمبر 1492 أنواء مفاجئة على الأسطول، انحرفت “سانتا ماريا” الى حاجز صخري عند ساحل ما هو دولة “هايتي” اليوم ، وقادها الانحراف الى ارتطام أسفلها بنتوءاته، طبقا لما يعتقد الباحثون.
واضطر كولومبوس ومن معه الى إخلائها والنزول الى البر فارين من الغرق معها، وفيه أمر ببناء حصن على ذلك الساحل قبل أن يعود بالسفينتين الى إسبانيا ليبلغ عن اكتشافه، إلا أن أكثر من 5 قرون مرت على غرق السفينة “الأم” حتى اكتشف كليفورد وفريقه ما يكاد يؤكد بأنه بقايا “سانتا ماريا” المستقرة عند عمق يتراوح بين 3 الى 5 أمتار فقط تحت الماء.
وفريق المستكشفين الأميركي هو أول من عثر في 2003 على الحطام، لكنه لم يتمكن وقتها من التعرف الى السفينة وهويتها، الى أن تم اكتشاف بقايا “مخيم كولومبوس” قرب هايتي، ومن بعده إعادة قراءة ما دوّن عن اكتشافه، فزادت قناعة الفريق المتعاون في عمله الحالي مع الحكومة الهايتية، من أن ما عثر عليه ليس إلا بقايا “سانتا ماريا” المنكوبة منذ 522 سنة.
وكان كليفورد، وهو أميركي شهير بعثوره على بقايا سفن غرقت بالعشرات في بحار مختلفة بالماضي البعيد والقريب، ذكر لوسائل إعلام أميركية الأسبوع الماضي أن الأدلة التي يملكها “تشير بقوة” الى أن الحطام الذي عثر عليه تحت ساحل هايتي الشمالي هو من “سانتا ماريا” فعلا، خصوصا بعد أن قام فريقه بقياس طولها وأبعادها قبل أن يلتقط لحطامها صورا متنوعة، إضافة الى تصويره تلفزيونيا، حيث بدا مغطى بقطع من الصخور وأصابه نخر شديد، فيما كان أحد الغواصة يقيس أبعاده.
طولها 25 بعرض 8 أمتار ووزن 102 طن
وأكثر ما أكد لكليفورد، البالغ عمره 68 سنة، بأن ما اكتشفه كان الحطام الذي يحلم به منذ زمن طويل، هي تنقيبات سابقة أوصلته الى الموقع المحتمل للحصن الذي شيده بحارة كولومبوس، وهي قلعة اكتشفوا بقاياها قبل 11 سنة، وطالما اعتقد الخبراء والباحثون أن بناءها لا بد أن يكون قد تم قرب موقع غرق السفينة، إضافة الى الأهم، وهو عثوره بجوار موقع الحطام نفسه على مدفع يعود تصميمه الى القرن الخامس، حيث يبدو في الصورة التي تنشرها “العربية.نت” وهو يعاينه تحت الماء.
ومما قاله كليفورد لوسائل إعلام أميركية تحدث إليها: “أنا واثق بأن انتشال الحطام سيعود علينا بأول دليل أثاري بحري حول اكتشاف كولومبوس للأميركيتين”. كما وصف “سانتا ماريا” بأنها الأداة التي غيّرت التاريخ “لذلك فالعثور عليها سيسجل بوصفه أهم كشف أثري تحت الماء في تاريخ العالم” كما قال.
وكان كولومبوس، الذي توفي في 1506 بعمر 55 سنة، وصل الى جزيرة “غواناهاني” التي سماها “سان سلفادور” بجزر الكاريبى، بعد شهرين من إبحاره المتواصل من إسبانيا، ثم وضع البحارة أقدامهم بعد ذلك على جزيرة هايتى، حيث شيّدوا القلعة الحربية بعد أن غرقت سفينتهم، وكانت بطول 25 وعرض 8 أمتار، ووزنها كان 102 طن.