الإرهاب يخترقنا
زايد الزيد
لا يريد الإرهابيون للأوطان الاستقرار، ولا يريدون للبشر أن يهنأوا بالحياة. هم كذلك دوما، فصناعتهم زراعة الكراهية والشرور، وتدمير الأرض ومن عليها.
ما حدث يوم قبل أمس الجمعة من تفجير وقتل للمصلين بمسجد الامام الصادق في «الصوابر» هو عمل ارهابي من الدرجة الأولى، وللأسف انه أودى بحياة 27 شهيدا حتى كتابة هذه السطور، بينما الجرحى تجاوزت أعدادهم المئتي مصاب امتلأت بهم أجنحة المستشفيات.
ولننتبه إلى مسألة في غاية الخطورة وهي تزامن ثلاث عمليات ارهابية تمت في مناطق متفرقة من العالم في يوم واحد شملت فرنسا «مصنع غاز» وتونس «منتجع في مدينة سوسة والضحايا نحو 27 قتيلا»، بالاضافة الى تفجير مسجد الامام الصادق في الكويت، وهذا يعني ان الكويت وُضعت على خارطة الارهابيين وأجندتهم، وهو تطور خطير سينعكس بلاشك علينا سلبا.
ولنتساءل: هل هذا العمل الارهابي الغادر كان مفاجئا؟
أعتقد انه بالنسبة لكثيرين – وأنا من بينهم – كان متوقعا، فالارهاب بدأ يتسلل للمنطقة منذ زمن، ولكن اشتد في السنوات الاخيرة، خصوصا مع ظهور قوى سياسية متشددة، تجعل الدين ستارا لأعمالها والدين منها براء، وتنتهج العنف بالقتل والحرق والتهجير والترويع اسلوبا لأعمالها بغية الانتشار وكسب انصار جدد من المغرر بهم.
وسبق للكثيرين أن حذروا من أن بذور التطرف والارهاب موجودة بيننا، في المدارس والمساجد وحتى في البيوت، فثقافة ازدراء الآخر وكرهه وشيطنته آخذة في الانتشار، وفي المقابل فان التصدي لمثل هذه الثقافة الخطرة من جانب الدولة والمجتمع ضعيف الى أبعد حد، فنحن – كدولة ومجتمع – متساهلون جدا في مواجهة هذه الثقافة ودعك من الحديث عن محاربتها!
لنعترف بان بذور التطرف والإرهاب موجودة في مناهجنا التعليمية، وفي بعض وسائلنا الاعلامية، ويتغنى بها كثير من نجوم الدين ممن تتلقف القنوات التلفزيونية برامجهم وخطبهم، كما أن التساهل في عمليات جمع الأموال والتبرعات بغير ضوابط قانونية واضحة ومحددة، أسهم في تغذية الارهاب وانتشاره، ولنعترف مرة أخرى بأنه ما لم نواجه الارهاب في المناهج التعليمية وفي الاعلام وما لم نضبط فوضى جمع الأموال، فلن نتقدم خطوة واحدة في طريق اتقاء شرور العنف، وهذا يفترض أن يأتي بالتزامن مع الاجراءات الأمنية المستحقة لكشف الجناة ومطاردتهم وتقديمهم للعدالة.
حمى الله الكويت من كل شر، وتقبل اللهم ضحايا جريمة تفجير مسجد الامام الصادق شهداء في جنات الخلد، وألهم أهلهم الصبر والسلوان، وأشفِ اللهم المصابين وأمدهم بالصحة والعافية.