قالت شركة آسيا للاستثمار إن مجلس التعاون الخليجي حصد واحداً من أعلى معدلات النمو السكاني في العالم خلال العقد الماضي، بما يقارب أربع مرات أسرع نمواً من الأسواق الناشئة والولايات المتحدة، وسبع مرات أعلى من الصين، وعشر مرات أعلى منها في منطقة اليورو.
وعزت “آسيا” في تقريرها الأسبوعي ذلك أساساً إلى تدفق كبير من المغتربين الذين يشكلون الآن حصة كبيرة من السكان تقدر بنسبة 33% في المملكة العربية السعودية، وأكثر من 85% في الإمارات العربية المتحدة وقطر. وفقاً لأكسفورد إيكونوميكس، ستراوح دول مجلس التعاون الخليجي مكانها في السنوات العشر المقبلة، تليها آسيا الناشئة باستثناء الصين.
وتوقعت في التقرير الذي تلقت “مباشر” نسخة منه، “نمو عدد السكان في دول مجلس التعاون الخليجي بمعدل 1.8% سنوياً، مرتين أسرع من الأسواق الناشئة، بينما يتوقع انخفاض وركود عدد السكان في منطقة اليورو واليابان”.
ولفتت شركة آسيا للاستثمار إلى أن من المتوقع أن يتباطأ النمو السكاني في العالم خلال العقد المقبل. وقد تم ذلك بفضل التكنولوجيا؛ مما ساعد على تقليل معدل الوفيات في الدول المتقدمة، كما سمحت العولمة للأسواق الناشئة بمحاكاة الغرب، والتحول الديمغرافي من ارتفاع معدلات الوفيات والمواليد إلى انخفاضها حول العالم.
ويشكل التباطؤ أكثر حدة في الأسواق المتقدمة نتيجة انخفاض معدل الخصوبة بشكل خاص، كما تواجه الاقتصادات الناشئة اتجاهاً مماثلاً.
وقالت الشركة: “لا تزال التركيبة السكانية داعمة للنمو الاقتصادي في الأسواق الناشئة، لا سيما في منطقة الخليج وآسيا، حيث من المتوقع أن تنمو التركيبة السكانية بمعدل ثلاث مرات أسرع مما هي عليه في الاقتصادات المتقدمة. إذ يدفع ارتفاع السكان السريع الحكومات لتطوير البنى التحتية في بلدانها من أجل تسهيل عملية التحضر، وتلبية احتياجات الاستهلاك، وتعزيز النمو الاقتصادي العام.
وأضاف التقرير: “ومن المتوقع أن يبقى النمو السكاني المتباين بين الأسواق المتقدمة والناشئة مهماً خلال العقد المقبل، مع انخفاض طفيف من 57 نقطة أساسية في العامين 2014، و2015 إلى 51 نقطة أساسية في السنوات العشر القادمة. وعلى الرغم من أن معدل الفرق سينخفض تدريجياً، إلا أن الفجوة الجارية تشير إلى أهمية استمرار الأسواق الناشئة بمعدلات نمو اقتصادية قوية في العقد القادم”.
وذكر “التقرير” أن التركيبة السكانية لدول مجلس التعاون الخليجي سترتفع بنسبة 30% بحلول عام 2020، وفقاً للتقديرات الصادرة عن وحدة إيكونوميست للمعلومات في عام 2012، في حين أن ما يقرب من نصف سكان المنطقة حالياً تحت سن الـ 25.
وتستمر القوى العاملة في النمو، مما يزيد معدل النمو المحتمل في المنطقة؛ من أجل تحقيق هذه الإمكانات، سوف تحتاج سياسات النمو الرئيسية التي يتعين اتباعها لتوفير فرص العمل للقوى العاملة المتنامية، وضمان النمو على المدى الطويل. كما تحتاج خطط التنوع الاقتصادي إلى تسريع في جميع أنحاء المنطقة مثل تعزيز القطاع غير النفطي، والحد من حصة الوظائف في القطاع العام، وتشجيع روح المبادرة. وعلاوة على ذلك، فإن معدل النمو السكاني المرتفع سوف يستهلك الموارد النادرة في المنطقة، والمياه في المقام الأول، فإن الاستثمار في كفاءة استخدام المياه وتحليتها أمر بالغ الأهمية.
إلى هذا، يرى “التقرير” أن الحاجة الملحة لتنفيذ هذه السياسات تتصاعد جنباً إلى جنب مع الارتفاع السريع في عدد سكان دول مجلس التعاون الخليجي. قد يؤدي بطء التنفيذ أو عدمه إلى ارتفاع معدلات البطالة والتضخم، وعدم الاستقرار السياسي بشكل رئيسي. والعامل الأخير على الأرجح سيحفز الحكومات على العمل في الوقت المحدد، إذ نأمل منهم تنفيذ المزيد من التدابير عدا الحد الأدنى المطلوب؛ من أجل اغتنام الفرص التي تتيحها التركيبة السكانية الملائمة، وتعزيز النمو الاقتصادي على المدى البعيد.