جديد الحقيقة
الرئيسية / كتاب وآراء / عن النقاش السياسي وفن تنسيق الزهور!.. يكتب خالد الجنفاوي

عن النقاش السياسي وفن تنسيق الزهور!.. يكتب خالد الجنفاوي

حوارات  /  فن تنسيق الزهور والسياسة

د. خالد عايد الجنفاوي

يروج انطباع سلبي لدى كثير من المواطنين الاميركيين حول السياسة والسياسيين. فلا تمثل الخطابات السياسية الرنانة في السياق الاجتماعي الاميركي محوراً أساسياً في الحياة اليومية, بل ربما سيتضايق الفرد الاميركي العادي من بعض الأشخاص الذين يبدون انفعالين ومتعصبين للغاية حول آرائهم السياسية.يشغل المواطن الاميركي العادي نفسه بأمور وقضايا ومواضيع أكثر أهمية بالنسبة له مما يجري على الساحة السياسية! يشيع هذا الانطباع الاميركي السلبي حول السياسة والسياسيين بسبب توافر أنماط وأساليب حياة بديلة في الولايات المتحدة الاميركية, فلا يشعر أحدهم أن عليه أن يتابع أخبار السياسة بشكل يومي, بل بالنسبة لأصدقائنا الأميركيين متابعة أخبار الطقس أفضل مليون مرة من تضييع الوقت في رصد التحليلات والتعليقات السياسية الإعلامية.
أعتقد شخصياً أنه لو تكرست أساليب حياة بديلة وعملية ومجزية في أي مجتمع إنساني لما كان لدى الفرد العادي وقت إضافي ليضيعه في النقاش السياسي المتكرر, فعندما يركز الإنسان معظم طاقاته الذهنية والجسدية واللفظية-إذا أردتم-على خلق وممارسة حياة يومية فعالة تزخر بالتجارب اليومية العملية, لما كان لديه وقت إضافي ليهدره بتكرار ما يدور في ساحته المحلية السياسية. استغلال الطاقات البدنية والذهنية في ممارسة نشاطات فنية وجمالية كفن تنسيق الزهور على سبيل المثال أكثر نفعاً وإثراء للحياة اليومية!
مناقشة فن تنسيق الزهور الطبيعية أو الاصطناعية مع الآخرين والتمعن في ما يزخر به من دقة متناهية وحس رقيق وجوانب وتجليات جمالية مختلفة أنفع كثيراً من تعويد اللسان على ترديد خطابات وتحليلات وتعليقات سياسية لا فائدة من ورائها! تنسيق الزهور لا يمكن في أي حال من الأحوال أن يسبب خصومات ونزاعات شخصانية محتدمة كما يحدث عادة عندما يتداول بعض الناس الأمور السياسية المحلية أو العالمية, فلا توجد سياسة ولا تسييس ولا تماحك تافه حول تنسيق الزهور, بل يتركز جهد المهتمين بهذا الفن الراقي في التمعن حول جماليته وخلقه لرونق فني من الألوان الزاهية والروائح العطرة.
تنسيق الزهور يضيف لمسة جمالية للحياة اليومية بسبب لمساته الرائعة, أما التماحك السياسي يخلق جوا فوضوياً وقاتماً من لا شيء حيث يعتم حياتنا بالتشاؤم والحيرة والشكوك المبالغ بها.
يتطلب فن تنسيق الزهور اكتساب مهارة عبقرية في اختيار مزهريات أو أواني خزفية مناسبة ليس لرميها نحو رأس المتماحك السياسي الآخر بل لاحتواء ازهار جميلة ولطيفة وناعمة الملمس تكرس تأملاً فلسفياً إيجابياً ورضاً نفسياً استثنائيا.

عن ALHAKEA

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*