يأتي هذا في الوقت الذي عقد فيه البرلمان العراقي المنتخب أولى جلساته يوم الثلاثاء ويواجه النواب ضغوطا لتشكيل حكومة جديدة تقف في وجه المسلحين المتشددين.
ورأس مهدي الحافظ أكبر أعضاء البرلمان سنا الجلسة الافتتاحية ودعا الى وقف الانتكاسة الامنية حتى يجد العراق مساره الصحيح.
ويجتمع النواب العراقيون لاختيار حكومة وحدة للمحافظة على البلاد من خطر الانقسام بعد ان أعلن مسلحون متشددون سنة قيام ‘الخلافة’ الاسلامية.
ويمكن ان يمثل اجتماع البرلمان الجديد في ‘المنطقة الخضراء’ الحصينة في بغداد نهاية حكم رئيس الوزراء الشيعي نوري المالكي الذي إمتد ثماني سنوات في ظل وجود خصوم مصممين على عزله بل ان بعض الحلفاء أيضا يرون ضرورة استبداله بشخصية أخرى أقل استقطابا.
وتخوض القوات العراقية قتالا منذ ثلاثة أسابيع ضد مقاتلين تتزعمهم جماعة كانت تعرف في السابق باسم الدولة الاسلامية في العراق والشام وأصبح اسمها الان الدولة الاسلامية. واشتد القتال في الايام الاخيرة في مدينة تكريت مسقط رأس الرئيس السابق صدام حسين.
والدولة الاسلامية التي تسيطر على مساحات من الاراضي تتخذ شكل قوس يمتد من حلب في سوريا الى منطقة قرب مشارف العاصمة بغداد في العراق أعلنت زعيمها أبو بكر البغدادي ‘خليفة’ للمسلمين.
ويدعمها في العراق جماعات مسلحة سنية أخرى ترفض ما ترى انه اضطهاد في ظل حكم المالكي الشيعي.
واجتمع البرلمان الجديد للمرة الاولى منذ انتخابه في ابريل نيسان حين أشارت النتائج في البداية الى تأكيد سلطة المالكي بسهولة لتولي فترة ثالثة.
لكن بعد ان شغل النواب مقاعدهم الان وبعد الانهيار المفاجيء للجيش في الشمال يواجه السياسيون مهمة درء خطر انهيار الدولة كما ان أيام رئيس الوزراء في السلطة باتت معدودة.
ويلقي أعداء المالكي باللوم عليه في التقدم السريع للمقاتلين المتشددين السنة الذين استولوا على الموصل أكبر مدينة في شمال العراق في العاشر من يونيو حزيران وسيطروا منذ ذلك الحين على كل المناطق السنية تقريبا في البلاد.
ورغم ان ائتلاف ‘دولة القانون’ بزعامة المالكي فاز بمعظم المقاعد في البرلمان فانه مازال يحتاج الى حلفاء ليتولى الحكم. ويطالب السنة والاكراد برحيل المالكي ويقولون انه نكث بوعوده بموجب اتفاقات اقتسام السلطة وانحاز الى طائفته مما أذكى مشاعر الاستياء التي أشعلت الاضطرابات.
ولم تطالب الولايات المتحدة المالكي علانية بالرحيل لكنها طالبت بتشكيل حكومة ذات قاعدة عريضة كشرط للحصول على مساعدات أكبر.
وفي خطوة لتعزيز الوجود العسكري في العراق قالت الولايات المتحدة يوم الاثنين انها سترسل 300 جندي آخر.
وقال المتحدث باسم وزارة الدفاع الامريكية الاميرال جون كيربي ان نحو 200 جندي وصلوا الى العراق يوم الاحد لتعزيز الامن في السفارة الامريكية ومنشآت الدعم ومطار بغداد الدولي. ومن المقرر ان يصل 100 جندي آخر الى بغداد ‘لتوفير الامن والدعم اللوجستي’.
وقال كيربي في بيان ‘هذه القوات مستقلة ومنفصلة عن قوة يصل قوامها الى 300 جندي خولها الرئيس (الامريكي) باقامة مركزين للعمليات المشتركة واجراء تقييم للكيفية التي يمكن بها ان تقدم الولايات المتحدة دعما لقوات الامن العراقية.’
وتمكنت حكومة المالكي بمساعدة من ميليشيات شيعية من منع المقاتلين المتشددين السنة من الوصول الى العاصمة لكنها لم تتمكن من استعادة مدن تخلت عنها قواتها.
وحاول الجيش العراقي الاسبوع الماضي استعادة تكريت لكنه لم يتمكن من استعادة المدينة التي تبعد 160 كيلومترا الى الشمال من بغداد حيث قتل مسلحو الدولة الاسلامية عشرات الجنود برصاص أسلحتهم الالية وألقوا بهم في مقابر بعد الاستيلاء على المدينة يوم 12 يونيو حزيران. وقال سكان ان القتال اشتد على المشارف الجنوبية للمدينة يوم الاثنين.
وبقاء العراق كدولة موحدة يعتمد على الارجح على المحافظة على نظام الحكم الذي وضع بعد الغزو الامريكي الذي أطاح بصدام في عام 2003 وبموجبه يتولى شيعي منصب رئيس الوزراء وكردي منصب الرئيس وهو منصب رمزي على ان يتولى سني منصب رئيس البرلمان.
ويوم الجمعة وفي تدخل سياسي غير معتاد دعا المرجع الشيعي العراقي آية الله العظمى علي السيستاني الكتل السياسية الى الاتفاق مسبقا على المناصب الثلاثة قبل اجتماع البرلمان يوم الثلاثاء.
واجتمعت الكتل السياسية في الايام الاخيرة دون ان تسمي زعماء العراق.
وقال عضوان بارزان من ائتلاف دولة القانون الذي يرأسه المالكي لرويترز انه يجري بحث بديل للمالكي من داخل حزبه. وقال حليف بارز للمالكي لرويترز في الاسبوع الماضي ان المالكي يدرك ان الامور يمكن ان تصل الى ذلك. ووفقا لدبلوماسيين فانه ينظر الى طارق نجم مدير مكتب المالكي السابق على انه خليفة محتمل له.
وتقول الاحزاب السنية انها لن تقدم مرشحها لرئاسة البرلمان الى ان ترى الشخصية التي يريد الشيعة اختيارها لتولي منصب رئيس الوزراء. ولم يحدد الاكراد اختيارهم حتى الان لمن يتولى منصب الرئيس.