أوقفت السلطات القضائية الفرنسية الرئيس السابق نيكولا ساركوزي للتحقيق معه رسميا في قضية استغلال نفوذ.
وكان ساركوزي قد مثل أمام قاض في باريس في وقت متأخر الثلاثاء، بعد احتجازه والتحقيق معه لمدة 15 ساعة من جانب شرطة مكافحة الفساد.
ويعتقد أن هذه هي المرة الأولي التي يوضع فيها رئيس فرنسي سابق قيد الاحتجاز.
وكان ساركوزي أوقف في قضية اخرى تعرف باسم ‘قضية بيتانكور’ ولكن قرارا صدر لصالحه في هذه الملف.
كما أوقف أيضا كل من تيري هيرزوغ محامي ساركوزي، والقاضي غيلبرت أزيبرت للتحقيق الرسمي معهما في ذات القضية.
واستدعت السلطات قاضيا آخر يدعى باتريك ساسوت لاستجوابه، لكنه لم يمثل أمام قاض حتى ليل الثلاثاء.
وحينما يوقف مشتبه رهن التحقيق الرسمي، يتم استجوابه من جانب قاض يحدد ما إذا كان هناك أدلة كافية يمكن اتهامه بها من عدمه.
ويؤدي هذا الإجراء غالبا،لكن ليس بالضرورة، إلى إحالة المشتبه به للمحاكمة.
ويعاقب القانون الفرنسي على جرائم استغلال النفوذ بالحبس لمدة قد تصل لخمس سنوات، وغرامة قد تصل إلى نصف مليون يورو.
‘ليس هناك الكثير’
وأطلق سراح ساركوزي من مقر الاحتجاز في منتصف ليل الثلاثاء/ الأربعاء بعد مثوله أمام محكمة في باريس.
وتم إحضار ساركوزي إلى المحكمة من مكتب الشرطة القضائية في نانتري غرب العاصمة باريس، حيث تم استجوابه.
وقال بول ألبرت ليونز، المحامي الذي يمثل هيرزوغ، إن القضية تقوم فقط على ‘تنصتات هاتفية، الأمر الذي سيتم الطعن على أساسه القانوني’.
وأضاف: ‘لا يوجد الكثير في هذا الملف، لأنه ليس هناك من بين العناصر المادية التي رأيتها، والتي سنطعن عليها، ما يؤيد هذه الاتهامات’.
وانبثق هذا التحقيق من تحقيق آخر، حول ما إذا ساركوزي قد تلقى تمويلا غير قانوني لحملته الانتخابية الرئاسية عام 2007، من الرئيس الليبي الراحل معمر القذافي.
ويطمح ساركوزي إلى خوض الانتخابات الرئاسية مرة أخرى عام 2017، لكن يعتبر هذا التحقيق ضربة لآماله في العودة للسلطة من جديد.
ويحاول المحققون التأكد مما إذا كان ساركوزي، البالغ من العمر 59 عاما والذي تولى الرئاسة من عام 2007 وحتى 2012، قد وعد القاضي أزبيرت بمنصب رفيع لقاء تزويده بمعلومات حول التحقيق في اتهامات ساركوزي بتلقي يتمويلات غير قانونية لحملته الانتخابية.
وكان جاك شيراك،الذي كان رئيسا لفرنسا قبل تولي ساركوزي، قد تلقى عقوبة بالحبس مع وقف التنفيذ عام 2011، لإدانته بتهمة الاختلاس وخيانة الثقة وقت توليه منصب عمدة باريس، لكنه لم يستجوب أبدا داخل مقر احتجاز.
تحليل: هيو سكوفيلد، مراسل بي بي سي في باريس
من المرجح أن يتم تقديم ساركوزي إلى المحاكمة.
وقال القضاة الذين يحققون في القضية إن هناك شبهات يجب الرد عليها، ورغم ذلك فإن المحاكمة ليست أمرا حتميا. وهذا لا يعني أن هناك شكوكا أكبر وشبهات أقوى تحوم حول ساركوزي.
وتزعم الاتهامات أن ساركوزي، وبدافع من الفضول لمعرفة مجريات التحقيق حول قضية التمويلات الانتخابية، قد استخدم قاضيا في المحكمة العليا للاستئناف ليخبره بسير مجريات التحقيق.
والأخطر من ذلك هو ما إذا كان هذا القاضي قد حاول التدخل من أجل إصدار حكم لصالح ساركوزي.
ويتهم مؤيدو ساركوزي المحققين أنفسهم بأنهم مدفوعون سياسيا من جانب اليسار الحاكم.
كان ساركوزي قد أوقف للتحقيق في ‘قضية بيتانكور’ لكن صدر فيها قرار لصالحه
ويتساءلون، كيف يحدث ذلك، مع كل خطوة من جانب ساركوزي باتجاه العودة للحياة السياسية، تنشر وسائل الإعلام تغيرا مفاجئا في مسار التحقيقات معه؟
وبينما يقول جانب إنه مجرد استمرار لعمل الشرطة الدؤوب، يقول الجانب الآخر إنها مضايقات.
سجلات العمل
بدأ التحقيق في فبراير/ شباط الماضي، حول ما إذا كان ساركوزي قد سعى للحصول على معلومات سرية، حول مجريات التحقيق في قضية تلقيه تمويلات غير قانونية لحملته الانتخابية عام 2007.
وتقول الاتهامات إن ساركوزي أبلغ بالإجراءات المتخذة ضده، حينما اتخذ قرارا حول ما إذا كانت سجلات عمله اليومي – الذي حصلت عليه السلطات القضائية كجزء من التحقيق في قضية التمويلات الانتخابية – يجب أن تبقى تحت تصرف النظام القضائي.
وقضت محكمة النقض الفرنسية في مارس/ آذار الماضي بأن تبقى تلك السجلات بيد السلطات القضائية.
ويعتقد المحققون بأن ساركوزي أبلغ بطريقة غير قانونية بأن هاتفه يخضع للمراقبة كجزء من التحقيق في قضية التمويلات.
ويؤكد ساركوزي أن الاتهامات الموجهة إليه لها دوافع سياسية.
لكن مراسل بي بي سي في باريس هيو سكوفيلد يرى أن تلك الاتهامات تمثل عقبة جديدة، في طريق ساركوزي للعودة إلى واجهة الحياة السياسية في فرنسا.
ويسعى ساركوزي إلى استعادة زعامته لحزب الاتحاد من أجل حركة شعبية المعارض في وقت لاحق من العام الجاري.