أصبوحة / حراك شعبي – طبقي
وليد الرجيب
يلاحظ أن هناك حراكاً شعبياً عربياً في بعض الدول العربية، خصوصا في كل من العراق ولبنان، البلدين اللذين يرتفع فيهما منسوب الفساد، يقابله ارتفاع في منسوب الفقر والبطالة، رغم ما تواجهه هاتان الدولتان العربيتان من أزمات سياسية وأخطار إرهابية.
ويتميز هذا العصيان المدني بأنه عابر للطوائف، أي لا يستند على الصراع السياسي المذهبي، بل على الصراع الطبقي حيث أحزاب اليسار في القلب منه، فالشعارات المرفوعة من جماهير البلدين، شعارات تبتعد عن التأجيج الطائفي، وتركز على الفساد وسرقة المال العام، الذي انعكس على خدمات الكهرباء والماء وانتشار النفايات في الشوارع وتردي الخدمات، ويضم الحراك أو المظاهرات السلمية جميع طوائف المجتمعين في لبنان والعراق، فلا شيء يغضب الشعوب ويوحد مكوناتها مثل الصراع الطبقي.
ففي لبنان رفع المتظاهرون شعار يقول:«لا 14 ولا 8 نحن الـ 99 – حركة يسارية»، وهذه التظاهرات في بيروت وبلدات لبنان، تتسع كل يوم وتربك الفئة السياسية المتصارعة في ما بينها على أسس طائفية من ناحية، وعلى كعكة المال العام من ناحية أخرى، دون الالتفات لحقوق الشعب ومطالبه الاجتماعية.
وفي العراق سواء في بغداد في ساحة التحرير تحديداً، أو في البصرة أو المحافظات الأخرى، رفع المتظاهرون شعار «باسم الدين سرقنا الحرامية… باسم الدين سرقنا اللصوص»، وشعار «جمعة ورا جمعة والفاسد راح نطلعه»، مما اضطر رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي إلى الإعلان عن اصلاحات مهمة تحت ضغط الجماهير، مثل تقليص شامل وفوري في أعداد الحمايات لكل المسؤولين بالدولة، بمن فيهم الرئاسات الثلاث والنواب والدرجات الخاصة، والمدراء والمحافظون وأعضاء مجالس المحافظات، وكذلك إلغاء المخصصات الاستثنائية لكل الرئاسات والهيئات ومؤسسات الدولة، وأيضاً إبعاد جميع المناصب العليا ومدراء عامين عن المحاصصة الحزبية والطائفية، ورفع الكفاءة في العمل الحكومي وتخفيض النفقات، وإعفاء من لا تتوافر فيه الشروط المطلوبة، وكذلك إلغاء مناصب نواب رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء، وفتح ملفات الفساد السابقة والحالية تحت اشراف لجنة عليا.
ووصفت وسائل الإعلام هذا الحراك، بأنه صحوة خرجت بصورة جميلة وحضارية، وبروح عابرة للطوائف والمصالح الشخصية والحزبية والفئوية، مهما حاولت قوى الظلام والفساد والإرهاب، المتعاونة مع الأجنبي الطامع بثرواتنا، وفي سبيل ذلك يعمل على تأجيج الطائفية والكراهية بين المذاهب، إلا أن الشعوب تتوحد من خلال صراعها الطبقي، ضد الطبقة الفاسدة والمستغلة.