وافق مجلس النواب العراقي في جلسة استثنائية عقدها اليوم الثلاثاء على وثيقة الإصلاح التي اقترحها رئيس الوزراء حيدر العبادي وأقرها مجلس الوزراء الأحد الماضي، وكذلك على وثيقة إصلاحات تكميلية شاملة دعا الحكومة لتنفيذها.
ولم يناقش مجلس النواب العراقي وثيقة العبادي، بل اكتفى رئيس المجلس سليم الجبوري بقراءتها، والدعوة للتصويت عليها، قبل أن يقرأ الحزمة الأولى للإصلاحات النيابية التي أقرها المجلس بالإجماع أيضا.
وتنص الوثيقة المقترحة من العبادي على إجراء إصلاحات للنظام السياسي للدولة ومكافحة الفساد المستشري الذي دفع قطاعات من الشعب العراقي للخروج إلى الشوارع في الأيام الماضية احتجاجا على تردي أوضاعهم المعيشية.
وكان العبادي دعا مجلس النواب إلى التصويت على وثيقة الإصلاح دون تجزئة، وكتب في صفحته على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك قائلا ‘أطالب مجلس النواب بعدم تجزئة وثيقة الإصلاح، وطرحها كوثيقة واحدة’، مطالبا المجلس بتحمل مسؤولياته ‘بقبولها أو رفضها’.
وصوت مجلس النواب وثيقة العبادي تحت ضغط شعبي طالبه بالموافقة عليها.
وكان بيان صدر أمس الاثنين عن اجتماع لرئيس الجمهورية فؤاد معصوم مع نوابه الثلاثة اعتبر وثيقة العبادي غير دستورية، ودعاه إلى ‘الالتزام بالسياقات الدستورية والقانونية في اتخاذ الإجراءات والقرارات’.
وأثار ما تضمنته وثيقة العبادي من إلغاء لمناصب نواب رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة انتقادات من بعض النواب الذي اعتبروها غير دستورية، وأن العبادي تجاوز صلاحياته.
وشدد العبادي في البيان الذي نشره مكتبه الاعلامي اليوم الثلاثاء على أن مناصب نواب الرئاسات أدت إلى الترهل ‘وهذا أحد مداخل الفساد’، مبينا أن من صلاحية مجلس النواب التصويت على إلغائها لأنه من شرّعها، وهذا ما ينسجم مع الدستور والقوانين النافذة.
وقال العبادي وفقا للبيان ‘أساس الإصلاح يتمثل في تلبية إرادة الشعب وتحقيق مصالحه وإنصاف الفقراء، وإزالة جذور الفساد وليس التشبث بالمناصب’.
وأضاف أن ‘ما اتخذته من توجهات للإصلاح ليست نابعة من رغبة بالانفراد في السلطة، ولا لتجاوز الأطر الدستورية، بل لتكريس دولة المواطنة وإبعاد الهيمنة الفردية والحزبية والطائفية على مفاصلها وعدم تكبيل مؤسسات الدولة بالمحاصصة المقيتة’.
وصادق مجلس الوزراء في جلسة استثنائية الأحد بالإجماع على تلك الإصلاحات، وأحالها لمجلس النواب لإقرارها، وهي تنص بالإضافة إلى إلغاء مناصب نواب رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء على تقليص شامل وفوري في أعداد الحمايات لكل المسؤولين في الدولة، ومن بينها الرئاسات الثلاث والوزراء والنواب، وتحويل الفائض إلى وزارتي الدفاع والداخلية حسب التبعية لتدريبهم وتأهيلهم ليقوموا بمهامهم الوطنية في الدفاع عن الوطن وحماية المواطنين.
الجبوري (يمين) والعبادي في حوار هامس (رويترز)
كما تضمنت الإصلاحات دمج الوزارات والهيئات لرفع الكفاءة في العمل الحكومي وتخفيض النفقات، وإبعاد جميع المناصب العليا في العراق عن المحاصّة الحزبية والطائفية، وأن تتولى لجنة مهنية يعينها رئيس مجلس الوزراء اختيار المرشحين على ضوء معايير الكفاءة والنزاهة.
وتباينت ردود الفعل وسط الدوائر السياسية على وثيقة الإصلاحات المقترحات، ففي حين اعتمدها مجلس الوزراء وأعلن رئيس مجلس النواب أمس الاثنين استعداد البرلمان لدعمها اعتبرها البعض ‘غير دستورية’.
واعترض إياد علاوي وأسامة النجيفي نائبا رئيس الجمهورية على ‘دستورية’ قرار إلغاء منصب نائب الرئيس الذي يشغلانه.
وقال علاوي إن ما يجري يعد انتهاكا واضحا للدستور، وشدد على أن أمام الحكومة ثلاثة أشهر لتلبية مطالب الجماهير قبل أن تتنحى تمهيدا لإجراء انتخابات مبكرة.
وأكد رئيس الوزراء السابق نوري المالكي أمس الاثنين أن حزب الدعوة الإسلامية الذي ينتمي إليه يدعم خطة العبادي، لكنه دعا إلى تشكيل حكومة جديدة من التكنوقراط بدلا من الحكومة الحالية.
وجاءت أولى النتائج الملموسة لحملة العبادي الإصلاحية في مواجهة الفساد والاضطرابات المتصاعدة في البلاد عندما أعلن نائب رئيس الوزراء والقيادي بالتيار الصدري بهاء الأعرجي استقالته من منصبه أمس الاثنين عقب فتح تحقيق قضائي في اتهامات بالفساد منسوبة إليه.
وجاءت الاستقالة بعد أوامر صدرت عن مكتب الصدر تقضي بتقديم الأعرجي استقالته ‘فورا’ من منصبه، ومنعه من السفر لحين انتهاء القضاء من التحقيق في قضايا الفساد المنسوبة إليه.