البلد مقبل على كارثة اقتصادية!.. هذا ما يراه خليفة الخرافي

لا تركبين الدرج

خليفة مساعد الخرافي

بين حين وآخر أزور شبابا طيبين محبين لطرب السامري والاصوات العدنية والشيلات النجدية والحجازية والاغاني الطربية التراثية في استراحتهم في كبد، التي تفننوا بزراعتها بشتلات من الزهور ذات الرائحة الجميلة والالوان المتنوعة، ونجحوا في زراعة اشجار البرتقال والليمون، وبنوا عرزالة ليجلسوا في أوقات يكون الطقس لطيفا في المساء، واطلقوا عليه اسم «البستان»، وقد اشترى الشباب (جاخورهم) من احدهم، الذي هو مفتاح لنائب بمجلس الامة، فبعد ان خصصوها له باعها لهم مباشرة وقبض منهم عشرات الألوف، تحاططوا في ما بينهم ليعطوه المبلغ الكبير، هم شباب يمثلون جميع شرائح الكويت ومكوناتها الاجتماعية بقبائلها وطوائفها وفئاتها، هم ليسوا من اهل الفساد، بل شباب طيب محافظ على فروض صلاته، انما من عشاق الطرب الاصيل، احدهم عضو في فرقة التلفزيون، ومنهم دقاق عود فنان وعازف كمان متميزان وضابط ايقاع دنبك واثنان للمروايس ورداده مع تشربك كف رابط على كيف كيفك، ولاني شاغل نفسي كثيرا بالشأن السياسي، يدعونني بين وقت وآخر للتفريج عن الهموم، وحين جلست في مجلسهم الطيب سألوني: شخبار اوضاعنا؟ قلتلهم: الله يصلح الحال، فالفساد عندنا يزيد ما ينقص وللأسف لا حكومة تسمع ولا المعارضة تسمع، الجميع كالعادة راكب راسه، البلد مقبل على كارثة اقتصادية بسبب الفوضى والتخبط بعدم تطبيق القانون وبعدم تنفيذ مشاريع متعطلة ودراسات مهملة، ثم أردفت من خلال خبرتي المتواضعة اكتشفت ان معظم القياديين والنواب لا قانون يردعهم ولا الدين يمنعهم و لا ضمير يحاسبهم. وسألوني: يا بومساعد، لماذا تردت احوالنا من بعد الغزو؟ أجبت: في الزمن الماضي القريب كان موقف تجار الكويت مع الحكومة او اختلافهم معها تحدده مصلحة الوطن والدستور، أما اليوم فالوضع اختلف، فالخلاف والاتفاق أصبحا غالبا حسب مصالحهم الخاصة وصفقاتهم، والذين لديهم الصدق ونبل الاهداف والمقاصد أصبحوا اليوم عملات نادرة. وناشدتهم قائلاً: ياشباب، يرحم والديكم فكونا من السياسة وغثاها، وسمعونا سامريات وطربا جميلا.
كنا مجموعة قليلة كسمرة (محفوفة) لا نتعدى 20 نفراً، وكان يرافقني ابني (مساعد)، ولاطفني كبيرهم (المطيرچي) اللي دايم ينسف غترته (چرينبة) ولم يلبس العقال بحياته، وروحه جميلة قائلاً لي: هذا اخوك التوم، ويعني ابني (مساعد)؟ فرديت عليه مبتسماً: (كفاك الله السميع العليم، اذكر الله). قالي وعلى وجهه ابتسامة: (لا تخاف يا بومساعد المطيرچية ما ينظلون بس يخافون من النظلة). وكانت السوالف معه ممتعة.
استفحتوا الغناء بأغنية لم تخطر على بالي وكنت أردد مع الردادة:
(لاتركبين الدرج لا تركبين الدرج
رجلك محنايه أوي أوي دلال
رجلك محنايه أوي أوي دلال)
عسى يطيح الدرج عسى يطيح الدرج
ويموت بَنايه أوي أوي دلال ويموت بَنايه أوي أوي دلال
حبونا لله ولا تقولون دخيل الله لا تقولون
سعادو كلماتوه اوي اوي دلال سعادو كلماتوه اوي اوي دلال
على ضووك يا قمر على ضووك يا قمر
رمان حلو حسنه اوي اوي دلال
رمان حلو حسنه اوي اوي دلال ابو القطار انعل ابو القطار
لابو حركاتو اوي اوي دلال
لابو حركاتو اوي اوي دلال
اخذ حبيب القلب اخذ حبيب القلب
خلاني بحسراتو اوي اوي دلال
خلاني بحسراتو اوي اوي دلال
جاني خبر فوق خبر جاني خبر فوق خبر
حبي يريد يموت اوي اوي دلال
حبي يريد يموت اوي اوي دلال
والله لروح الحلب والله لروح الحلب
وصير له تابوتُ اوي اوي دلال
وصير له تابوت اوي اوي دلال
غناء الفنان الراحل
عبدالله فضالة

***
ثم تبعها بموال
ليس العجب من غزال صادها اسد
بل العجب من غزال تقنص الاسدَ
كان المغني رخيم الصوت عذبه فاستحسنت أداءه وقلت: عاش (بومشاري). فرد: ومن قال يعيش ويسلم.
وشالها بأغنية الشاعر الكويتي سلطان بن فرزان التي قصدها عام 1930:

نظرة البستان والماي الزلال .. يا سلام ونظرة الطرف الكحيل
ينعش القلب المعنى بالوصال .. اشهد انه ينعش القلب العليل
الهموم تزول لو كبر الجبال .. من علامة نظرة الوجه الجميل

***
بعدها دعينا الى العشاء.. وسأكمل لكم يوم الجمعة المقبل سوالف (المطيرچية وأهل الحمام الزاجل) .. وتكملة السمرة في (البستان).