شفافيات / الوطن أم البطن؟
د. حمود الحطاب
التحول السريع نحو قضية غلاء الاسماك وإثارة موضوع هذا الغلاء اليوم يذكرني بتلك الأيام الخوالي التي قضيتها في جمهورية مصر العربية حيث كنت أقدم رسالة الماجستير, في جامعة عين شمس; وقد أدركت حكم الراحل محمد أنور السادات, وكانت فترة حكمه مليئة بالأحداث البارزة, دوليا ومحليا,ومن ذلك حرب رمضان وعبور الجيش المصري قناة السويس للبر الثاني.
وقد عد ذلك انتصارا عسكريا جاءت بعده اتفاقية »كامب ديفيد« والتي قاطع العرب بسببها أنور السادات, وبالطبع لم أدرك حدث حرب رمضان هناك فلم أكن بدأت الدراسة في ذلك الوقت. لكن أدركت غرائب الأمور التي كانت تحدث في زمن السادات وتتزامن هذه الغرائب مع مواقف يريد تطبيقها الرئيس فتمرر المواقف التي يريدها مع ما يفتعل من مواقف كانت في بعض الأحيان مضحكة; ومن ذلك أن الراحل أنور السادات خطب خطبة رنانة مجد فيها الفراعنة والحضارة الفرعونية وانجازاتها, وما هو عجيب ومثير في الخطبة أنه قال إنني سآمر بدفن المومياء الفرعونية في الأهرامات كما كانت من قبل, وعلق على ذلك قائلا: »أو ليس من العيب والإهانة للفراعنة أن يوضعوا في المتاحف ليتفرج عليهم الناس, إن هذه إهانة لهؤلاء الملوك وللحضارة الفرعونية حضارة سبعة الاف سنة أو قال خمسة آلاف سنة« ذلك الوقت, حيث قيل عن العدد الجديد لاحقا كما أتذكر, فيجب دفن الفراعنة في أهراماتهم التي هي قبورهم التي بنوها لأنفسهم! وخذ عندك مشغلة للرأي العام, ولربما “ألو يا صحافة أكتبي لك كام موضوع بتأييد دفن الفراعنة وخلو المعارضين يردوا عليكم وخذ يا شعب الهاء عن قضايا أساسية قد تكون مصيرية تم شغل الشعب عنها ونكت وكاريكاتير شغال أيام وأيام وحتى الأزهر انشغل : هل يجوز عرض المومياء أم يجب دفنها وهيصة عجيبة!
ومن العجايب المشغلة للرأي العام الأخرى, آنذاك, يفاجئوا الناس بأنه لا يوجد سكر في الأسواق! »ياه مافيش سكر يا جماعة حنشرب الشاي ازاي«? واشتغلي يا صحافة أيام وأيام وأيام في نقص السكر, وهات يا مصطفى حسين كاريكاتير وإنت يا »بو جلامبو« سخر لك كام كاتب يردح سلبيا أو إيجابيا أو هما معا وتمر الأيام ولا حديث للناس غير مافيش سكر! وفجأة تنتهي إزمة دفن الفراعنة فلا يدفنوا ولا من سبب !وفجأة يعود السكر للأسواق, ومن غير مبرر لسبب انقطاعه, وفجأة »ما فيش سجاير سوبر« ولا »كليوباترا« في السوق وخذ يا طوابير من الصبح كنت أشوفها من البلكونة, الناس يصطفون طوابير طويلة ينتظرون وصول صاحب البسكليته الذي يحمل للبقالة السوبر والكليوباترا. وهجوم على البقالة لينال كل واحد علبتين سجاير فقط ;وهات يا أقلام اكتبي لك كام مقالة وكام احتجاج وردي يا معارضة. وبعدها ازمة مسامير في رغيف الخبز والناس تفتش في رغيف عيشها يوميا خوفا من ابتلاع المسامير ياعيني! »كفاية كده« والخنجر مغروس في جنب القلب وغير معقول التفكير في جوعة البطن.
إلى اللقاء.