إشهار جمعية حماية المستهلك من جديد
د. بدر الديحاني
في مقالات سابقة تطرقنا إلى أهمية إشهار جمعية حماية المُستهلِك نظرا لما لها من دور حيوي ومهم في الدفاع عن حقوق الزبائن، وحمايتهم من الغش التجاري، وغلاء الأسعار، والاحتكار، والتلاعب في جودة السلع والخدمات التي تعرضها المحال التجارية، حيث إن السعر وحده ليس المحدد الوحيد للجودة، ورفع الوعي الاستهلاكي والحماية من الإعلانات المُضللة، وإلزام المحال التجارية بكتابة السعر، وتاريخ الصلاحية، ومحتويات السلعة وأي معلومات خاصة كالآثار الجانبية، فضلا عن تسهيل عملية تقديم الشكاوى ورفع القضايا، ثم إعداد «قوائم سوداء» بأسماء المحال التجارية التي تتعمد تكرار الغش التجاري، أو انتهاك الخصوصية من خلال تسريب المعلومات الشخصية لطرف ثالث، أو زيادة الأسعار من دون مبرر.
ولا يقتصر دور جمعية حماية المُستهلِك على الشركات الخاصة، بل يمتد ليشمل أيضا جودة الخدمات العامة التي تقدمها الأجهزة الحكومية، ونشر الوعي وترشيد الاستهلاك.
وهناك تنظيمات إقليمية مثل «الاتحاد العربي لحماية المُستهلِك» تنضوي تحت لوائه جمعيات أو منظمات حماية المُستهلِك في دول عربية مثل مصر، وتونس، والمغرب، والإمارات، وموريتانيا، وفلسطين، وقطر، والسودان، والجزائر، ولبنان وسورية، أما على المستوى الدولي فالمنظمات الدولية لحماية المُستهلِك تضم ما يزيد على 170 دولة وتساهم فيها أكثر من 600 منظمة.
وبالرغم من أهمية وجود جمعية حماية المُستهلِك فإن الحكومات المتعاقبة، كما سبق أن ذكرنا غير مرة، ترفض إشهارها، في حين تسمح، على الطرف الآخر، بإشهار تجمعات تجار التجزئة، وتكتلات أصحاب الأعمال التجارية، والمصرفية، والصناعية، والإنشائية، والعقارية! لهذا فإن نجاح حملة المقاطعة الشعبية الأخيرة «#خلوها_تخيس» التي دشنها بعض الشباب على «تويتر» بمناسبة ارتفاع أسعار الأسماك بشكل مبالغ به، وفضحت فشل الحكومة في حماية المُستهلك، يفترض أن يتوّج، أي النجاح الذي تحقق لأن الحملة كانت حملة وطنية عابرة للهويات الثانوية «قبيلة، طائفة، منطقة، عائلة»، بالمطالبة بإشهار جمعية حماية المُستهلك كمنظمة مجتمع مدني تتولى نشر الوعي الاستهلاكي من جهة، ومن جهة أخرى تحارب الغش التجاري، والتلاعب في جودة السلع والخدمات، وغلاء الأسعار الذي يشمل سلعا، وخدمات، ومواد غذائية كثيرة من ضمنها الأسماك التي تدعو حملة «#خلوها_تخيس» إلى مقاطعتها.
وبالطبع فإن إشهار جمعية حماية المُستهلك لا يعني وقف حملات المقاطعة الشعبية متى ما كان ذلك مطلوبا، إذ إنها تعتبر إحدى وسائل الضغط المدنيّة المُتحضّرة.