الخلاصة
الطبيب القاتل
زايد الزيد
ما ان طبع عدد يوم أمس لجريدة النهار الثلاثاء والذي احتوى مقالنا المعنون «خطأ من نوع قاتل» الذي حذرنا فيه من ان ينتهي التحقيق مع الطبيب المتهم بقتل المواطن سعود العازمي بايجاد ثغرة أو وضع خطأ اجرائي في ثنايا التحقيق اوالتحريات يمكنه من الحصول على البراءة لاحقا، ما ان ابدينا هذا التخوف، حتى فوجئنا ان المسألة تعدت قصة ايجاد ثغرة في التحقيق اوالتحريات، لتصل الى هروب الطبيب القاتل ليترك التحقيق ولجنته برمتها!
لقد أثبتت الحكومة من خلال تخبطها وسوء ادارتها أن «الشق عود»، ففي ظل تراخيها في اتخاذ الاجراءات الكفيلة بضمان حقوق ذوي سعود والحق العام للدولة بوفاة مواطن ذهب دمه هدرا نتيجة خطأ طبي، فنتيجة هذا التراخي اليوم هو هروب الطبيب المتهم بالقتل الى خارج البلاد، في ظل أعذار واهية من وزارة الصحة، فتبرير الوزارة وفق ماأعلنته بالأمس أن «الطبيب الهارب استغل فترة الاجراءات التمهيدية للتعيين المؤقت والتي لا تتطلب اعطاء «خروجية» للسفر من الوزارة «، يعد بحد ذاته مصيبة أكبر من مصيبة هروبه، فهو يؤكد عدم مشروعية وقانونية عمل الطبيب الهارب، وبالتالي ماكان ينبغي للوزارة ان تجعله يباشر معالجة المرضى لوحده، فهذا الطبيب كان يعمل بشكل مؤقت، ما يعني احتمالية أنه قد لن يكمل مهام عمله واردة جدا، وجاءت حادثة وفاة المواطن سعود لتكشف مجددا عن مدى الاستهتار بأرواح البشر من دون أي احساس يذكر بالمسؤولية فتكلل هذا التراخي بهروب الطبيب الى الخارج لينجو من العقاب.
والحقيقة ان ما حدث في تفاصيل هروب الطبيب المتهم بالقتل يعد فضيحة بكل المقاييس وبكل ما تعني الكلمة من معنى، فهذه الفضيحة تخطت فضائح الأخطاء الاجرائية المتتالية، فمن غير المعقول أن يهرب طبيب متهم وتهمته القتل الخطأ؟! فبعد مسلسل الأخطاء الاجرائية الذي نجح بمنع ادانة فاسد واحد وسجنه خلف القضبان، يأتي مسلسل جديد بسيناريو مخالف بتمكين متهم من الهروب قبل التحقيق معه بأعذار واهية لتكشف لنا أن الوضع في البلاد بعيد تماما عن تطبيق القانون حتى في حدوده الدنيا.
والمصيبة أن حادثة هروب الطبيب القاتل ليست هي الأولى من نوعها، فهناك طبيب آخر وافد من جنسية عربية هرب الى الخارج عقب اتهامه بوفاة مواطن، وقبل شهور توفيت مواطنة خلال اجراء عملية لها وهرب الدكتور المعالج وهو مواطن، ولم نعرف الى أين وصلت الاجراءات في تلك القضيتين، لذلك يبدو أن الملف متخم بالتجاوزات وهو مؤشر على ضعف الحكومة وسوء ادائها، فما ان نصحو من آثار كارثة يتسبب بها جهاز حكومي حتى نصدم بكارثة جديدة اشد وقعا من سابقتها وهكذا..