وجع الحروف / بيئتنا والمسؤولية الاجتماعية!
د. تركي العازمي
بين الفينة والأخرى نسمع عن نفوق الأسماك ونشاهد صور جماعات تطوعية تنظف الشواطئ!
وهنا سأطرح الموضوع من أجل إدراك / فهم اجتماعي لعبارة «المسؤولية الاجتماعية» لنا كأفراد ومؤسسات ومجاميع وكتل. المسؤولية الاجتماعية برزت في السنوات الأخيرة حيث دأبت معظم الشركات الكبرى وخاصة المصنعة على عرض ما تقوم به من أهداف ضمن إستراتيجية عملها بهدف حماية البيئة وحماية المستهلك على حد سواء كي يشعر المواطن والمقيم بالآمان، ولو تمعنا فيها جيداً لوجدنا أنها تعتبر جزءاً من الأمن الوطني الذي نحن جميعاً نشعر بأهميته.
أذكر أنني في ذات يوم قبل قرابة خمسة عشر عاماً كنت مسؤولاً عن تنفيذ مشروع في إحدى الجزر الكويتية وكانت طبيعة المشروع تتطلب إجراء بعض الأعمال الإنشائية، وعليه قمت بإدخال شرط مهم ينص على «أن يجلب المقاول المنفذ الرمل من اليابسة وألا يمس تربة الجزر وأي مخلفات بناء وخلافه يجب أن تحفط في حاويات تنقل إلى اليابسة»…وأعتقد أن الزملاء في الهيئة العامة للبيئة وبعض الحاضرين من الجهات الآخرى يتذكرون موقفي من هذا الشرط الذي أقنعت الزملاء به وهم مشكورون على دعمهم لي آنذاك…لماذا؟
يقول العلماء المتخصصون في البيئة البحرية والفطرية إن أي نقص في رمال الجزر يحتاج إلى خمسين عاماً كي تعوضه الجزيرة!!
المشكلة التي تواجهها الكويت محصورة في استمرار التشابك بالمسؤوليات، وهو ما أدى إلى ضياع المسؤولية.
خذ على سبيل المثال٬ البلدية توقع عقود تنظيف تتضمن تنظيف الشواطئ والجزر، من ضمنها نلاحظ مجاميع تطوعية من مختلف الفئات العمرية وهم أمام «الكاميرات» ينظفون الشواطئ، وهو جهد يشكرون عليه، وحس يصور المسؤولية الاجتماعية للقائمين عليها لكن من وجهة نظرنا كان حريا بأجهزة الرصد المعنية بالبيئة البحرية والبرية والطقس «الجو» والغذاء والسلامة أن تبرز أهدافها في خطط عملها، وتبرهن لنا كمجتمع أنها تؤدي أعمالها بكل أمانة وصدق وفق نشاط عملي ملحوظ. كثير منا شاهد بقعاً سوداء تغطي جوانب محددة من شواطئ الكويت٬ وكثير منا لاحظ نفوق الأسماك ولا نعلم السبب من استخدام مناهيل الأمطار في غير الأغراض المحددة لها حيث السوائل السوداء تسيل منها باتجاه مياه البحر…ولم نلمس أي تحرك رقابي حتى في ظل وجود شرطة البيئة.
إن المسألة ليست مقصورة على «القراطيس» و«القواطي» التي يجمعها أحبتنا أمام شاشات التلفزيون وعدسات الكاميرا…إنها أبعد مما يتصور أحبتنا.
العلاقة بين بيئتنا والمسؤولية الاجتماعية لم تحدد أطرها من منظور عمل احترافي. لذلك٬ نود من مجلس الوزراء والمعنيين بالبيئة أن يبادروا لوضع هدف وطني نبيل من شأنه تحديد مسؤولية كل جهة «الصحة٬ البيئة٬ الصناعة٬ البلدية٬ الداخلية٬ جمعيات النفع العام المعنية بالبيئة٬ الزراعة، الثروة السمكية٬ القطاع النفطي…وغيرها ممن نسيت ذكره من دون قصد…فعامل الرقابة وتحديد المسؤوليات مهم بالنسبة للبيئة (البحرية ٬ الجوية المناخ / الطقس٬ السلع الاستهلاكية٬ الصناعية٬ الفطرية…إلخ).
وعليه٬ نختم بأسئلة نوجهها لأصحاب القرار: ماذا تعني البقع الداكنة التي نراها حول الشواطئ؟ وما طبيعة السوائل الداكنة اللون التي تضخها بعض المناهيل تجاه مياه البحر؟، وما السبب وراء ظاهرة نفوق الأسماك؟
للإجابة عن هذا السؤال يجب أن نحدد أولاً المسؤوليات لكل جهة يفترض أن يكون من بين أهدافها هدف خاص بالبيئة وحمايتها كجزء من مسؤوليتها الاجتماعية.
إن المسؤولية الاجتماعية تهدف إلى إيجاد الرضا: فهل نحن راضون عن الممارسات التي تنتهك البيئة وطريقة العمل المؤسسي إزاءها؟…الله المستعان!