وجع الحروف / الأخطاء.. واردة بمعدل!
د. تركي العازمي
أحياناً تقع في الخطأ، وهو أمر طبيعي حاصل لا مناص منه، ومستوى الخطأ وأثره يبقى مجهولاً!
الشاهد أن الظروف الزمانية والمكانية تأتي لك بالحدث وأنت و«حنكتك» و«تربيتك» تتصرف.
والشاهد أيضا أن الأخطاء.. واردة لكنها وفق معدل قياس نسبة وتناسب بمعنى أن الفرد المسؤول عندما تتجاوز أخطاؤه النسبة المقبولة (جدلا 5 إلى10 في المئة)، وإذا كانت المسؤوليات الملقاة على عاتقة كبيرة ومتشابكة، فطبيعي جداً أن نلتمس له العذر لأن الذي يعمل يُخطئ!
يعني لو «تنسدح» في بيتك وتعتزل الناس٬ فإنك وإن لم تكن ظاهراً في تعاملك مع المحيط الخارجي ستظل هدفاً محتملاً من سهام أخطاء الآخرين وستخطئ ولو في طريقة تعاملك مع ما يصل لك من سهام.
أورد هذه المقدمة بعد نقاش طويل مع بعض رواد إحدى الديوانيات حينما نعت زميلاً إعلامياً بالأنانية وحب مصلحته الشخصية تجاه بعض مواقفه المتعلقة بقضايا الساحة… وكنت لحظتها لم أرغب في الدخول بنقاش أعلم محصلته مسبقاً لأن الديوانيات كملتقيات اجتماعية فيها الصالح والطالح والعاقل والسفيه، وإن كثرت نسبة السفهاء في الآونة الأخيرة.
دار النقاش والتفت إليّ طالباً رأيي ولم أجد سوى الآية الكريمة «كل نفس بما كسبت رهينة»… ويا أخي إن أردت توجيه اللوم والنصيحة فلا تمارسها بهذه الطريقة، فالبعض لا يعرف الطرف الموجه له الانتقاد الذي قد يكون في غير محله، وبالتالي تكتسب الإثم وأنت في غنى عن هذا!
هذا الموقف يذكرني بحادثة تعرض لها زميل عزيز عليّ وأذكر أنني نصحته بعدم الرد.. فهو معروف بمكانته وأخلاقياته، ورده سيفتح المجال أمام «السفهاء» ليتجاوزوا الحدود خاصة وأننا أشرنا قبل قليل بأن معدل السفهاء قد ازداد بين المتعاملين مع الشأن الاجتماعي وغيره من الأمور المتصلة بشؤوننا.
إذا ورد إليك خبر من مصدر ما أيا كان مستواه عن طرف آخر واتخذت قرارك بقبولك لمضمون الخبر من دون أن تلتقي الطرف الآخر للتحقق من الأمر لمعرفة صحة هذا الخبر من عدمه٬ فهذا يعني أنك أناني وإن كنت كبيراً في السن لأن الرشد لا علاقة له بالعمر فهناك صغار نسبياً لكن الظروف التي عاشوا فصول أحداثها إضافة إلى إطلاعهم وحسن تربيتهم قد جعلت الفرد منهم رشيداً وإن صغر سنه… وفي المقابل هناك كبار قد تتجاوز سن بعضهم مرحلة النضج العمرية (40 عاماً وما فوق) لكنهم من مقياس الرشد عقولهم فارغة حيث لا ثقافة ولا قيم.. وتجنبهم أسلم لكل مَن يتعامل معهم.
هذا ليس من استنتاجي ولا علاقة له بقناعاتي الشخصية.. إنه قول المولى عز شأنه في الآية الكريمة «يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين»!
خلاصة القول إن المجالس مدارس بعض روادها من الحكماء العقلاء فبالتالي الخيار متروك لك.. إما أن تذهب للمجالس لتتعلم وتتجنب الوقوع في الخطأ وتقوي محتوى ثقافتك الفردية، أو تتابع مجالس يكثر فيها السفهاء ومن بينها مجالس وسائل الإعلام الالكترونية، وهذا النصح والتمني ليس مني بل هو منهج يتمناه كل عاقل، ويرغب كل محترم أن يعمل به الكبير قبل الصغير.
لا شك أن خطأ الصغار سهل تجاوزه، لكن أنانية الكبار وأخطاءهم تبقى آثارها ممتدة وقد تصل لعقود، وهو ليس من استنتاجي بل هوعلم مثبت من تجارب!
مما تقدم… لا تستعجل في حكمك على موضوع أو شخص ما قبل أن تبحث في مصداقية ما نقل إليك وأحط نفسك ببطانة صالحة وجالس من تميزوا بالحكمة… والله المستعان!