جرس / ‘زقوم في بطنك’
سامي الخرافي
لقد أصبح صاحب «المبدأ» في وقتنا الحاضر «مجاهدا» أمام الإغراءات الكثيرة للدفاع عما يؤمن به وتصادمه الدائم مع صاحب «المصلحة» الذي يتخذ أسلوب المراوغة ليصل إلى مراده بأقصر الطرق ويتخطى القانون بكل «وقاحة»، فلهذا كان هناك صراع «شرس» بينهما. يقول توفيق الحكيم: المصلحة الشخصية هي دائما الصخرة التي تتحطم عليها أقوى المبادئ ولقد شاهدت مؤخرا حوارا بين المسمار والبرغي على شكل «كاريكاتير» معبرا عن ذلك الصراع، حيث يقول المسمار وهو صاحب المبدأ للبرغي: لقد تعب رأسي من الضرب بشكل مستمر، كناية عن الاجتهاد في العمل، ومازلت بنفس حالي «التعبان»، فكيف أصبحت أنت من «العلالي» فأجابه البرغي بسخرية: يجب عليك أن «تلف وتدور» مثلي وتكون «عبود» وتعني باللهجة الكويتية «المطيع» لكي تصل إلى ما وصلت عليه الآن، نعم نحن اوجدنا تلك الفئة من أجل أن تمشي أمورنا بسرعة ومع الأيام كبرت وزاد أتباعها وزاد نفوذها في كثير من الجهات وبدأت تتحكم بمصائرنا وأصبحت جذورها تصل لكل مكان مقابل «ما يخدم بخيل» والسبب ابتعادنا عن مبادئنا (خبز خبزتيه، يالرفله أكليه).
أعترف لكم أيها القراء الأحباب بأنني وجدت صعوبة كبيرة كادت أن تصل إلى تغيير عنوان مقال اليوم.. لما يحمل هذا العنوان من تشابك وتداخل وصراع خفي مرير يستشعره فقط من يتحمل تكليفه بحمل أمانة وظيفية يشغلها كائن من كان، فعندما تلتقي المصلحة الشخصية مع المنصب أو الوظيفة يختفي في أحيان كثيرة المبدأ، وهذه صفة تنطبق مع الاسف مع ألم مرير على الكثير من الموظفين أو المسؤولين، فعلى سبيل المثال مسؤول عنده خير أو صاحب منصب.. يتنازل عن مبادئه من أجل المال..الخ ولكنها دناءة النفس والعياذ بالله، فاستهتارك أو كسلك او تحايلك على القانون ايها الموظف أو المسؤول هو فاتورتك لبيع تنمية الكويت وأقسم بالله انك بعت الكويت «برخيص»، فسحقا لكم يا عبدة الدينار.
فالمبدأ هو الخط الواضح للحلال واداء المسؤولية بامانة لان من يراقب ويحاسب ويجازي.. ليس ذلك الذي أعلى منك منصبا بل الله سبحانه وتعالى الذي يرصد كل أنفاسنا، فما بالكم بأفعالنا وأعمالنا، «المبدأ» هو الخط الذي يجب أن نسير عليه عند أداء عملنا، وليس ما يتوافق مع مصالحنا وأنانيتنا، لن أقبل رشوة «لا يعلم أحد بها» قد تزيد من دخلي او قد تقفز بي الى مستويات عليا في العيش والسعادة بل وتكون حلا لديوني المتراكمة التي اثقلت كاهلي، إن خوفي من تقبل أي رشوة أو غيرها.. ليس لانه سيفضح أمري بين الناس، فالناس ستنسى امري يوما ما، بل لان ربنا سبحانه وتعالى حرمها ولعنها رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم، فهي قد تتوافق مع مصالحي الخاصة ولكنها النقيض تماما للمبدأ وهو السلوك الفطري السليم، فأصبح المبدأ في وقتنا الحالي كالقارب في عاصفة «هوجاء» في بحر متلاطم الأمواج وهو كناية عن قوة تأثير «المصلحة» والتي قد تؤدي الى غرق صاحبها لكثرة طالبي المصالح ضد أصحاب المبادئ.
وأخيرا، قالوا: أصحاب المبادئ يعيشون مئات السنين، وأصحاب المصالح يموتون مئات المرات.