الزهايمر أخطر من المزاح!
فوزية أبل
لا يمر يوم إلا ونجد أمثلة ساطعة على نتائج الإهمال المريع لمعاناة المصابين بالزهايمر في الكويت، وكذلك بالنسبة إلى المعرضين لهذا المرض، طالما أن الأهل والأصدقاء لا يكتشفون حالة الشخص إلا بعد أن يصل إلى مرحلة متقدمة في هذا الداء الفريد في خصوصيته، وفي تأثيراته النفسية والعائلية والاجتماعية.
«لم أكن أتصور هذا العجز عن إنقاذ والدتي»، تقولها مواطنة عن معاناة والدتها الموجودة حالياً في مستشفى الطب النفسي. وكانت الأم في حبها لأسرتها وفي عطائها (وكانت أعراض الزهايمر قد بدأت لديها وهي في بداية الخمسينات من العمر، هي الآن في الثالثة والستين)، وعندما أصيبت بالمرض صار الأبناء محتارين ما الذي يفعلونه لإنقاذها، فليس في الكويت أي عيادة متخصصة في هذا المجال بالذات. وعندما مرت بحالة عصبية مستعصية، تم نقلها إلى مستشفى الطب النفسي. قبل ذلك اتصلوا بالإسعاف والطوارئ، وكانوا متعاونين جدا لكنهم في الأساس ليسوا متدربين على التعامل مع هذه الحالات. فلو كان هناك مركز متخصص لكان قد تمّ الاتصال به فيتم إرسال مسعفين متدربين على التعامل مع الزهايمر بالذات، وتفاعلات المرض وتأثيراته العصبية.
مواطنة أخرى، كان والداها مصابين بالزهايمر.. الأب توفي قبل حوالي السنة، والأم وافتها المنية منذ ثلاثة أشهر. تقول إنها حاولت تأمين العلاج، وسخرت إمكانات العائلة في هذا المجال.
لا شك أن ما فعلته المواطنتان وأفراد أسرتيهما هو مثال ناصع على الوفاء والإحسان للوالدين، وقد تصرفوا من تلقاء أنفسهم، ومن دون أن يدربهم أحد.
لا شك أن مقدمي الرعاية يجب أن يكونوا جزءا من أي خطة ذات صلة بمرض الزهايمر. الدولة هي المفترض أن تضع خطة متكاملة، وهي المسؤولة عن الرعاية الصحية الأساسية حتى لو كانت هناك مبادرات فردية أو جماعية، ولا بد لها من إعلان وجود متخصصين في هذا المكان أو ذاك،حتى لا يبقى الأهالي حائرين في ما يفعلونه ويتصرفون كأنهم أطباء أنفسهم، فمراحل المرض تتقدم عند الكثير من الحالات، والأعداد تتزايد وفي أعمار أقل من الستين.
فالأهالي يبادرون بتوفير ممرض أو اثنين، وهو أمر ذو تكلفة عالية، ولو كانت هناك عيادات متخصصة (عيادات الذاكرة)، لتحسنت الرعاية وتحسن مزاج المريض، فيكون التعامل معه أكثر سهولة. فالأهالي أنفسهم صاروا يبحثون عن أي معلومة تفيدهم، وكل ذلك من دون وجود هيئات حكومية مسؤولة تقدم لهم العون في متابعة وضع المريض، إلى جانب التشخيص المبكر.. وبعيداً عما هو منتشر حالياً بين الناس من تبادل للنكات، فإذا نسي أمرا معينا يقول: «فيني زهايمر»! فهذا المرض ليس مجرد ظاهرة عابرة، وليس مدعاة للسخرية مما يدل على هشاشة التعاطي مع الزهايمر وكل ما يتصل به.