لعل أبلغ وصف لصفقة طائرات «يوروفايتر» تلك العبارة التي جاءت في ثنايا تقرير مكتب الشال الأخير بالتعليق عليها بأنها «بلا نفع ولا فائدة» ، فهذه الجملة وقد خرجت من مكتب «الشال» وهو المكتب الاستشاري الاقتصادي الرزين والذي يحظى بثقة كل الأوساط الاقتصادية والسياسية بالكويت على اختلاف توجهاتها ، أظنها تختصر حال الصفقة وما وراءها من علامات استفهام.
فلقد جاء الإعلان مؤخرا عن إبرام صفقة يتم بموجبها شراء الكويت لـ 28 طائرة من «يوروفايتر» بقيمة تصل إلى تسعة مليارات دولار لتشكل علامة استغراب من السعي لابرام هذه الصفقة الخيالية في ظل تهاوي أسعار النفط ولجوء الدولة إلى شراء سندات لتعويض اهتزاز الموازنة العامة التي تعرضت للعجز المالي، فهل من أساسيات خطة التنمية – التي نسمع بها ولا نراها – إبرام صفقة شراء طائرات حربية؟
وإزاء عدم وجود أي تفسيرات أو أجوبة من قبل الحكومة لتلك التساؤلات عن هذه الصفقة، جاء تقرير «الشال» ليضع اصبعه على الجرح فاستعرض فيه عدم وجود نفع ولا فائدة من هذه الصفقة، وطرح تساؤلات مستحقة، منها انه حتى «لا أمل إن كان خيار الصفقة هو الحرب عبر الحدود في أن تساهم هذه الطائرات في حسمها لصالحها»، وإثباتاً لعدم جدوى الصفقة اقتصادياً، بين التقرير أنه تأتي الصفقة المليارية «في بلد تضاعفت نفقاته العامة 5 مرات في أقل من عقد ونصف العقد من الزمن، وانخفضت أسعار نفطه بنحو 50% عن أسعار سنة مضت، ويقاتل ليحافظ على مستوى إنتاج نفطه الذي انخفض بنحو 8.5% وهذه الصفقة ستتبعها تكاليف قادمة، ولا علاقة لها من قريب أو بعيد بأهداف خطة التنمية، والواقع أنها تناقض أهداف تلك الخطة».
وتبقى الحقيقة، أن مثل هذه الصفقة وغيرها من صفقات أخرى، لن تقدم للتنمية أي شيء، ولن تكون في صالح المواطن بأمر يذكر، ففي الوقت الذي من المفترض أن تكون هناك إجراءات جادة لمواجهة العجز الحقيقي، تأتي هذه الصفقة المليارية التي ستكون نقمة على المواطن العادي لأن هذه المليارات ستقتطع من الاحتياطي الذي يعاني أصلا ما يعاني من غياب الشفافية ، بينما سيسرع هذا الاستقطاع من القيام بإجراءات تقشفية تضرب صلب الاستهلاك اليومي للمواطنين كما حدث برفع الدعم عن أسعار الديزل وارتفاع الأسعار الاستهلاكية ولعل الحملة الشعبية «خلوها تخيس» عن ارتفاع الأسماك أبلغ مثال على غياب الحكومة عن المواطن وتركه فريسة لأطماع الجشعين.