رسالتي / هديل ونخوة المعتصم
عبدالعزيز صباح الفضلي
لا يزال مسلسل الاعتداء على المسلمات مستمرا، في أصقاع شتى من العالم … على أيدي الآخرين، أو – للأسف – على أيدي أعوان الظالمين في بعض البلاد العربية.
يعتدون على هذا الكائن الضعيف، الذي راعى الإسلام في طبيعته، فأمر أن تحسن معاملتها، وألا يتم التعرض لها حتى في أوقات الحروب.
ولمكانة المرأة في الإسلام جعل الدفاع عنها دينا وعبادة، ومن مات مدافعا عن عرضه فهو شهيد.
في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام تعرض أحد اليهود من بني قينقاع لامرأة مسلمة جاءت تشتري من أسواقهم، فربط طرف ثوبها بحجابها وهي جالسة، فلما نهضت سقطت، وسقط الحجاب وتكشف شيء من جسدها فصرخت، وكان في السوق أحد المسلمين فأخذته نخوة الإسلام فقتل اليهودي.
ثم اجتمع اليهود على المسلم فقتلوه، فسمع النبي صلى الله عليه وسلم بذلك، فأمر جيش المسلمين بحصار بني قينقاع حتى ينزلوا على حكمه، فلما طال الحصار رضخوا للمسلمين، وتم طردهم وإجلاؤهم عن المدينة.
في عهد الخليفة المعتصم اعتدى أحد الروم في أرض عمورية على امرأة مسلمة – قيل لطمها على وجهها وقيل تحرش بها – فصرخت: «وامعتصماه».
فأتاه من أخبره بأنه شهد الواقعة وسمع استغاثة المرأة المسلمة، فانتفض المعتصم قائلا: لبيك يا أختاه، فلنأتينهم بجيش أوله عندهم وآخره عندي.
فحاصر عمورية وقاتل الروم حتى استسلموا، وأمر بإحضار المرأة المسلمة والرومي الذي ضربها، وجعله عبدا مملوكا عندها.
أصابنا ألم وحسرة، مصحوب بالفخر والاعتزاز، ونحن نرى ونشاهد صور ومقاطع الفيديو للحظات قتل الشهيدة بإذن الله «هديل الهشلمون» رحمها الله.
تلك الفتاة الفلسطينية (18 عاما) والتي سقطت برصاص الغدر والخيانة الصهيوني في مدينة الخليل، بسبب تمسكها بحجابها الكامل الذي يغطي كل جسدها، ورفضها لنزع الحجاب أو التفتيش إلا من قبل امرأة عند مرورها بجانب حاجز عسكري للصهاينة.
إلا أن اليهود قتلة الأنبياء والمرسلين ومع إصرارها على موقفها قاموا بإطلاق أكثر من 10 رصاصات على جسدها الطاهر، فارتقت شهيدة بإذن الله.
نشعر بالفخر، لاعتزاز هذه الفتاة بحجابها، وتمسكها بحشمتها ومبادئها، ونشعر بالأسى والألم من تجرؤ الصهاينة على قتلها، فلقد علموا أن لا معتصم وراءها.
هديل ليست الفتاة الفلسطينية الوحيدة التي اعتدى عليها اليهود، فمن يتابع المصادمات التي تحدث في القدس وعند المسجد الأقصى هذه الأيام، يدرك تلك الجرأة لدى اليهود في التعدي على المسلمات، فمن ضربٍ للمرابطات، ونزع لحجابهن، وإلقائهن على الأرض حتى يتكشف شيء من أجسادهن، ناهيك عن الخنق والاعتقال اللذين يتعرضن لهما.
وهن يطلقن الصرخات تلو الصرخات، لعل رجلا من الأمة لديه النخوة فيستجيب لندائهن.
لم ترفع هديل النقاب فتشكف عن وجهها، لكنها باستشهادها كشفت سوءة الأمة وذلها وهوانها، حتى تسلط عليها قومٌ كتب الله عز وجل عليهم الذل والمهانة إلى يوم القيامة، وهم أجبن خلق الله، لكنهم لم يجدوا من يقف في وجوههم إلا أبناء الأقصى وفلسطين وبعض الشرفاء من أبناء الأمة الإسلامية، والذين لا يملكون القرار أو القوة الكافية لطرد اليهود من أرض فلسطين.
فهل يستجيب لاستغاثة المسلمات من يملك القوة والقرار؟