بلا قناع / حين يصرخ الدم
صالح الشايجي
حين يصرخ الدم وتنهرس الضلوع، على الأفواه ان تصمت.
الناس إخوة في مسراتهم، وإخوة أكثر في ملماتهم ومصائبهم.
إن الذين ماتوا في مشعر «منى» أول أيام عيد الأضحى، هم نحن، هم أهلنا آباؤنا وأولادنا وأمهاتنا وبناتنا وإخوتنا، مصيبتهم مصيبتنا، ونازلة نزلت بهم نزلت بنا.
نترحم عليهم، ونعزي أهاليهم بمصابهم الجلل ونعزي أنفسنا أيضا، وندعو للمصابين منهم بسرعة التعافي والشفاء.
لا شماتة في الموت وليس الموت سبيلا إلى التشفي وبث سموم الكراهية والحقد وإيكال اللوم والسخرية والاستهزاء والحط من أقدار الناس، تحت ذريعة تقصير هؤلاء الناس في أداء واجبهم في حماية أرواح الناس.
هذا ما شهدناه مع الأسف في الدقائق الأولى من ظهور خبر فاجعة مشعر «منى» من قبل البعض ممن لا يتمتعون بالحس الإنساني ولا يملكون ذرة من الإحساس بمعاناة الآخرين ولا يقدرون ظروف الحدث ومسبباته وتبعاته ونتائجه وعديد ضحاياه.
لم يقدروا لوعة مئات الأمهات الثكالى ولا الأرامل ولا الأيتام ولا الآباء، ومن فجع بفقد أب أو ابن أو أم أو زوج أو زوجة، وأخ وأخت وصديق وصديقة.
بل راحوا وبدم بارد وإحساس متبلد مجاف للإنسانية، يشمتون ويكيلون التهم والتشكيك في الجهات التي تقع على كواهلها مسؤولية تنظيم شعائر الحج، ويتهمونها بالتقصير ويشككون في ذممها.
كل ذلك حدث، وبنوا مواقفهم تلك في اللحظات الأولى للحدث وقبل أن يتبينوا أسباب الحادث.
كيف لمليوني إنسان من مختلف المشارب والثقافات والأعراق أن يتواجدوا في مكان صغير واحد في وقت واحد ليؤدوا الشعيرة ذاتها، دون أن تحدث أخطاء تتسبب بمثل هذا الحدث؟!
من نافلة القول أن الأمور التنظيمية متحققة، ولكن هل ينصاع كل أولئك الحجيج إليها؟ والكثير الكثير منهم لا يقيمون لها اعتبارا، وكل همهم أن يؤدوا مناسكهم بالصورة العشوائية التي يريدونها هم لا التي تخضع لمجريات التنظيم المقررة!
ولست في مجال رد كيد الشامتين والمتقولين والمتشككين، فتلك فطرتهم التي فطروا عليها، ومن ملك قلبا أسود لا يملك قدرة تلوينه بالبياض، وذو النفس السيئة مبتلى لا يرد عليه.
الرحمة لمن مات والشفاء العاجل للمصابين.