ارتقاء المجتمعات لا يتحقق الا بوجود ارض خصبة تحتوي اصحاب الفكر السليم الذين يدفعون المجتمع نحو التميز ليكون مجتمعا مفيدا،عكس تلك المجتمعات التي تخلو من الافكار السليمة حتى سادها الجهل لتكون في أواخر الدول في جميع الاصعدة.
اسقاء المجتمع بافكار سقيمة مآله سيأخذ الاجيال الى توارث هذا الفكر المسمم لينعكس أثره على مظهر تعايشهم وتعاملاتهم، بان في الاونة الاخيرة كثرة لجوء الافراد لمكوناتهم ايا كان نوعها اما قبيلة او طائفة او عائلة ولم يكن ذلك الا بدعم من افراد ابتغت بذلك الوصول لهدف معين غير مبالية تلك القواعد الاجتماعية واهمها قاعدة تلاحم المجتمع ليكون مجتمع محصن ذو حصن متين يحمي البلد من اطماع من يسيل لعابهم انتظارا لإستغلال اي فرصة تسهم بإخلال توازن قوة تماسك المواطنين.
ان امثال تلك الحقيقة نراها تتكرر ببعض الدوائر الحكومية بل وحتى الانتخابات التشريعية حتى طالت انتخابات الطلبة وهذا جرس انذار يجب ان ينتبه له عقلاء المجتمع لانه انذار يبلغ بوصول السكين للعظم،اصبح الناخب على ورقة الانتخاب اختياره مبني على اساس القرابة او الطائفة و القبيلة وائدين معنى الاختيار للأفضل للذي يستطيع تحمل أعباء تلك الامانة،بل ببعض الدوائر الحكومية أصبحت خدمة المواطن على حسب موالاة الشخص لوكيل وزارة او وزير ما او على حسب ميوله السياسي والمظلوم بذلك هو المواطن البسيط الذي لا يملك خباثة هؤلاء الاوغاد الذين رموا مصير هؤلاء البسطاء بأيديهم،ولا نجمع جميع النقابات ولا جميع القوائم ولكن بالكاد لا تخلو نقابة من قائمة مذمومة بهذا التخلف،هنالك من يستخدم تلك الوسائل ليصل لغايته مهما كان ثمنها على تلك العقول التي ستكون المسؤولة عن مستقبل الكويت،ولكن علينا معرفة أسباب هشاشة تلك العقول التي تجرعت ذلك الفكر رغم خطورته وشذوذه عن المألوف.
هذه المشكلة لم تكن ظاهرة بهذه البشاعة لأنها كانت منبوذة كعادة غير حميدة ينفر منها العقلاء وينصحون من يجهلون عواقبها حتى لا يقعوا بشباكها، وكان المجتمع بحال افضل جعل الكويت في مقدمة الدول في المنطقة،الى ان غلبت مصالح بعض السياسيين وبعض التجار على أدنى اخلاقيات الخصومة،فسخروا اموالهم باستخدام تلك الوسائل كأدوات لأهداف رخيصة.
شعور الفرد بالضعف يدفعه للجوء لقبيلته او طائفته كضمان يضمن له تحقيق ما يريد وذلك لما يواجهه المواطن من محسوبيات،وكذلك دور الاعلام كان له الدور الكبير بالمساهمة بانتشار هذا الوباء،بل وكان الاعلام يمثل دور الجرافة التي تهدم وتجرف عقول المستقبل،كما ساهم غياب صوت الاعلام الرسمي لمواجهة تلك الموجة بتمكين هذا الفكر للوصول لما يريد،وبذلك أصبح ان صحوة العقول من سباتها مسؤولية اجتماعية يتحمل ايقاظها الجميع طالما ما زال بالوقت متسع.
يتركز علاج هذه المشكلة بجدية الدولة بعزمها باجتثاث هذا التخلف من المجتمع،وبما ان الجيل قد تشبع من هذه الافكار الرجعية فعلى الدولة علاج الجيل من مصنع الاجيال وهي المدرسة بتعليم الاطفال مدى خطورة هذا الفكر وعواقبه السلبية علينا حتى تتأسس قناعاتهم وعقولهم بشكل سليم لا تتأثر بالافكار السيئة الهشة،وكذلك على الاعلام نشر الوعي بين اوساط الشباب،ولا يغيب دور المؤسسات التشريعية لتشريع قوانين تعاقب من يمارس هذا التخلف.
تفريق المجتمع وتصنيف مكوناته يجعله مجتمع هلامي سهل الانهدام،يجعل من افراده اشخاص متعصبين يغلب ولائهم لمكوناتهم أكثر من مصلحة وطنهم،فلذلك وجب على الفرد ان يعي خطورة هذا الفكر بل ويجب على الجميع التصدي له حتى لا نمكن طامع من تحقيق ارادته.