الديوانية – روسيا والناتو معاً في سوريا
أ.د محمد عبدالمحسن المقاطع
هل ما يحدث في سوريا هو حالة مقبولة في حجم القوة العسكرية الضاربة المتواجدة فيها أو التي تنفذ ضربات جوية فيها؟ هل داعش من الحجم والقوة والقدرة والتماسك حتى تصمد حتى الآن أمام ذلك؟ أم هل ما يحدث في سوريا هو سيناريو مصغر لاستعراض قوى تملك آليات حرب عالمية ربما قادمة؟ أم أن سوريا لها ما بعدها إن سقط النظام؟ أو هيمن عليها التحالف الدولي الأميركي؟ أم سيكون لها حالة في رد الاعتبار العربي والإسلامي إن انتصرت قوات الائتلاف المتحالفة الوطنية؟
كل تلك تساؤلات مهمة بل ومشروعة في ظل التداعيات المتلاحقة لما تشهده آليات الحرب الدولية المتواجدة في سوريا، فالنظام السوري ألقى بكل ثقله في الحرب الدائرة وفشلت طائراته وبراميله وبعض أسلحته الكيمياوية وترسانته العسكرية المستمرة بتجديدها من قبل روسيا، في أن تحسم هذه الحرب لمصلحته، وقد فشلت إيران بمعيّة النظام السوري أيضا، وهي التي ألقت بثقلها من خلال قوات برية واسعة وأسلحة متقدمة رغم الدعم الكامل لقوات حزب الله اللبناني لها وتوالت الهزائم لهم جميعا من قبل قوات الائتلاف الوطني، وهو يحرز يوما تلو الآخر تقدما وانتصارا لانه يحظى بدعم شعبي واسع.
على الرغم من رفض قوات التحالف الأميركي فرض منطقة حظر جوي على النظام وحلفائه، بل على العكس قامت بتيسيير مهمة النظام وتزويده بالأسلحة ودعم وتسهيل دخول إيران لسوريا، ومارست عملية خلط مقصود للأوراق في شنها لغارات جوية على «داعش» هذه المنظمة الإرهابية بصورة ناعمة تثير القلق والتساؤل، هل مضي سنة تقريبا على ضربات جوية لقوى متحالفة مع أميركا عاجزة عن القضاء على ميليشيات مثل داعش في منطقة محصورة ومرصودة؟! وما الذي ترمي إليه أميركا في إطالة أمد النزاع في سوريا؟!
ها نحن نشهد تطورا خطيرا ومثيرا بالدخول المباشر والكبير لروسيا في سوريا بطائراتها وأساطيلها وقواتها البرية، فما سر هذا الاندفاع الروسي السريع والمفاجئ؟! هل هو تحاشي سقوط نظام الأسد الحليف لها والذي كان وشيكا! أم أن خارطة التقسيم لكعكة الشرق الأوسط الجديد بات وشيكا ودخولها يضمن لها حصة أكبر وتشكيل أحلاف جديدة (إيران محور فيها)! أم أن حالة المواجهة بينها وبين أميركا والناتو غير متاحة في نزاع أوكرانيا لأنها في أوروبا، والبديل هو سوريا والعالم العربي لتجريب مقدمات حرب عالمية مصغرة تدمر دولنا وتستنزف مقدارتنا!؟
أم أن ذلك تعاون متكامل من القوتين العظميين للحيلولة دون أن تصبح سوريا، بتحررها من قبضة الأسد، مثالا لحالة استرداد الاعتبار العربي والإسلامي المطلوب إفشاله حتى لا تقوم للعرب والمسلمين قائمة..
أعان الله أهل الشام وقيادة الائتلاف الوطني والمعارضة المتحالفة معهم، ولهم منا الدعاء والمناصرة في ظل مخطط دولي مقلق لا يعلم مداه ولا مقصوده سوى الله، وجنبنا وإياهم شرور المؤامرة والحرب ودمارها واحتلالنا الاستعماري الجديد.