تصدرت الأزمة السورية أجندة المحادثات التي أجراها الأحد 11 أكتوبر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وولي ولي العهد السعودي، وزير الدفاع الأمير محمد بن سلمان آل سعود.
وفي ختام اللقاء الذي جرى في منتجع سوتشي جنوب روسيا على هامش فعاليات سباق ‘فورمولا – 1’، علق كل من وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف ونظيره السعودي عادل الجبير، على نتائج المحادثات، التي جرت بصيغتيها المصغرة والموسعة، والتي وصفها كل من الطرفين بالصريحة والمفيدة.
ذكر لافروف أن الرئيس بوتين ووزير الدفاع السعودي أكدا ‘التطابق التام’ للأهداف التي تسعى موسكو والرياض لتحقيقها في سوريا، وفي مقدمتها ضرورة منع انتصار ‘الخلافة’ الإرهابية في الأراضي السورية.
وأشار لافروف إلى أن بوتين أعرب لضيفه السعودي عن تفهمه لقلق الرياض إزاء الخطوات التي اتخذتها روسيا مؤخرا في سوريا، لكنه شدد على أن عمل العسكريين الروس فيها موجه فقط ضد تنظيم ‘الدولة الإسلامية’ وجبهة النصرة وغيرهما من المجموعات الإرهابية.
وبصدد العملية العسكرية الروسية في سوريا قال الجبير إن الجانب السعودي أعرب عن خشيته من إمكانية تفسير هذه العملية على أنها حلف بين موسكو وطهران، لكن الطرف الروسي شرح أن الهدف الرئيسي منها هو مكافحة الإرهاب.
هذا وأضاف الجبير أن المملكة تنوي تفعيل جهودها في تنسيق عملها في مجال مكافحة الإرهاب مع روسيا من أجل إنجاح هذا العمل، علما أن بعض المواطنين الروس والسعوديين انضموا إلى صفوف الإرهابيين، وهم يشكلون خطرا على كلا البلدين.
أما الهدف المشترك الثاني فقال لافروف إنه يتلخص في اهتمام البلدين في تحقيق مصالحة وطنية في سوريا والإسراع في إطلاق عملية سياسية من شأنها أن تقود إلى أن يشعر جميع السوريين على اختلاف عرقهم ودينهم بأنهم المالكين لبلدهم لبلادهم، مضيفا أن الرئيس بوتين وولي ولي العهد السعودي ناقشا بصورة صريحة ‘الخطوات التي يمكن أن تقربنا من بدء هذه العملية السياسية’.
أما مسألة المصير السياسي للرئيس السوري بشار الأسد، فاكتفى الطرفان بتبادل الآراء حولها، دون أن تسجل المحادثات أي تقارب في مواقف موسكو والرياض إزاءها، ففي الوقت الذي قال فيه الوزير السعودي إن الرياض أكدت تمسكها برحيل بشار الأسد، ذكر لافروف أن روسيا جددت موقفها المعروف إزاء هذه المسألة، لكن بقاء الخلاف حول هذا الموضوع ‘ليس عائقا أمام تقدمنا، بما في ذلك مشاركة دول أخرى، نحو خلق ظروف مواتية لإطلاق العملية السياسية (في سوريا) في أسرع وقت ممكن’، مشيرا إلى أن الوفاق السوري السوري المنشود يجب أن يحظى بدعم المجتمع الدولي.
وبحسب لافروف فإن الجانبين بحثا عددا من الأفكار الهادفة إلى تطبيق بيان جنيف الصادر في الـ30 من يونيو/حزيران 2012 بشأن سوريا.
من جانبه أكد الجبير أنه على الرغم من تمسك المملكة برحيل الأسد ومواصلتها لدعم ‘المعارضة المعتدلة’ في سوريا، فإن البلدين يتشاركان في سعيهما إلى إيجاد سبل تفعيل التسوية وأرصدة مشتركة لتنفيذ بيان جنيف من أجل الحفاظ على وحدة الدولة السورية.
وأكد رغبة الرياض في أن تتحول هذه العملية إلى مرحلة انتقال سياسي يشارك فيها ممثلو كل من النظام والمعارضة، وتضع خلالها البلاد لإجراء تعديلات دستورية، مما سيقود إلى تنحي بشار الأسد في نهاية المطاف.
أكد لافروف أن روسيا على اتصال مع السعودية وغيرها من الشركاء في الشرق الأوسط حول الأوضاع المتدهورة بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وذكر أن موسكو تدعو إلى تخفيف التوتر والعودة إلى طريق التسوية.
وأشار إلى أن المبادرة العربية للسلام التي طرحتها الرياض سابقا، يجب أن تبقى أساسا راسخا للتسوية في الشرق الأوسط، مشددا على أن المنطقة أحوج ما تكون اليوم إلى هذه المبادرة.
من جانبه قال الجبير إن الطرف السعودي قيم الجهود الروسية المتواصلة على مدار العقود الأخيرة من الزمن في دعم القضية الفلسطينية العادلة، معربا عن امتنانه لروسيا على ما تبذله من أجل حل القضية الفلسطينية سلميا.
وفيما يتعلق بالوضع في اليمن، ذكر لافروف في ختام المحادثات أن روسيا تدعو إلى تسوية الأزمة في البلاد في أسرع وقت ممكن وتعمل مع جميع الأطراف لتحقيق هذا الهدف.
من جانبه قال نظيره السعودي إن الرياض ترى أن الأزمة يجب أن تجد حلها على أساس قرار مجلس الأمن الدولي، مضيفا أن المملكة تبذل كل ما في وسعها لتقديم مساعدات إنسانية للشعب اليمني.
وعن العلاقات الثنائية بين البلدين قال وزير الخارجية الروسي إن المحادثات بين الرئيس الروسي وولي ولي العهد السعودي أظهرت وجود فرص جيدة في التعاون بين البلدين في المجالين الاقتصادي (بما في ذلك الاستثماري) والعسكري التقني.
وأضاف لافروف أن الخطط ذات الشأن سيتم تنفيذها في إطار ما تم الاتفاق عليه بين موسكو والرياض أثناء الزيارة السابقة التي قام بها الأمير محمد بن سلمان إلى روسيا في يونيو/حزيران الماضي.
وفي وقت سابق من الأحد بحث الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الأزمة السورية مع ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد آل نهيان لقائهما في مدينة سوتشي.
وتناول اللقاء التطورات في الشرق الأوسط، وخاصة في ضوء الجهود الروسية والإماراتية المبذولة في مكافحة الإرهاب الدولي، كما تطرق الطرفان الى القضايا الدولية والإقليمية الملحة.