وجع الحروف – الملتقيات والأثر الشكلي
د. تركي العازمي
في جزئية مهمة من بحث علمي اعتمد وأجيز من أعرق الجامعات٬ خلص الباحث إلى نتيجة مهمة وهي أنه في العلاقات الإنسانية بما فيها المؤسساتية يكون الفرد أكثر تأثيراً إذا صدق مع نفسه أولاً ومع من يتعامل معهم ثانياً، أما مَنْ يراوغ ويتلاعب بالمفردات فيكون غير مؤثر.
وجدت هذا ماثلاً بعد حضور ملتقيات عدة يتم التنسيق لها لمناقشة موضوع معين ونخرج مع كل لقاء بلا نتيجة أو قرار… فما الفائدة منها؟ ولماذا لم يجنِ أعضاؤها ثمرة اللقاء؟
تجد الأعضاء وهم على درجة عالية من الثقافة في غاية الحماس… ويخرج لك البعض «مراوغاً» لهدف لا يعلمه البقية… وينتهي اللقاء ليعود الأعضاء إلى حيث كانوا!
هذا ما رغبت في بثه تحت عنوان «الملتقيات والأثر الشكلي» لأن الجميع باستطاعته تأمين وجبة العشاء لكن إشباع الفكر من جانب تفوح منه روح الرشد والصراحة قلما توافر لدينا اجتماعياً.
إنني على سجيتي أكتب بلا تكلف.. صريح وتزعجني صراحتي، وأتردد كثيراً لكن الصدق مع الذات يجعلني أكثر إصراراً في اعتراض كل سلوك غير سوي لعل وعسى أن تتضح الفكرة للقراء والمتابعين جميعاً.
ولو أسقطنا هذه النتيجة البحثية على تعاملاتنا لما ظهر لنا وزير التربية بتصريح لـ«الراي» يقول فيه «بعض الجامعيين لا يفكون الخط»، ولا نلاحظ بعض الوزراء ممن تتجه لهم سهام الاستجوابات في دور الانعقاد المقبل وهم متمسكون بنفس النهج الذي أثار حفيظة المراقبين من أعضاء مجلس الأمة ومتابعين لأعمالهم.
ولك أن تتخيل ما تبقى من ممارسات لا صدق فيها مع الذات… ونحن رضينا أم أبينا فستبقى الحقيقة أننا بلد يشهد حالات فساد، ولا يوجد فاسد واحد تمت محاكمته ولنا في خبر «السجن لرئيس شركة دفاعية أميركية تآمر لرشوة مسؤولين حكوميين كويتيين» والذي نشرته ( الراي في عدد أول من أمس)، إضافة إلى هاجس إيقاف النشاط الرياضي والعقود وتأخر المشاريع وفساد تنفيذها عِبرٌ لم نستفد منها. تجاوز فسادنا الحدود الاجتماعية من ملتقيات شكلية تحضر لمناقشة موضوع أو قضية وتنتهي بـ«تفضلوا على العشاء»… وتجاوز مؤسساتنا ليصل إلى مؤسسات عالمية تحكم في قضايا «ربعنا» طرف فيها.
قد يكون الحديث مؤلماً ومكملاً لما تناوله زملاء لنا بلا نتيجة تذكر أو فائدة مرجوة لسبب بدهي وهو أننا نعيش علامات آخر الزمان ولا حول ولا قوة إلا بالله.
لذلك٬ لا يظن البعض أننا سنصل إلى نتيجة بعيداً عن وجوب توافر عوامل الفرد المؤثر على المستوى الاجتماعي، ولو سلمنا جدلاً كما يردد البعض بأنها السمة الدارجة حيث أصبحت «المراوغة» سلوكاً شائعاً فهذا لا يعني الاستسلام والانصياع لها واتباعها.
نحن أحوج لتثقيف أفراد المجتمع ليكونوا صادقين مع أنفسهم ونشجع كل فرد صادق مكافح للفساد على إبداء رأيه الصريح، وعلى المعنيين بالأمر تقبل هذا الأمر إن كنا بالفعل نرغب في إصلاح المجتمع الذي بلغ الأمر فيه ما وصفه وزير التربية بأن بعض الجامعيين «لا يفكون الخط»، وغير ذلك من القضايا التي تنشر في الصحف ولا تجد ردة فعل إصلاحية… والله المستعان!