جرة قلم – الزمن الكسيف.. الزمن النظيف!
علي أحمد البغلي
الزمن «الكسيف» هو الزمن الذي نعيش، ولفظة «الكسيف» لمن لم يتعود سماعها من المواطنين «الجدد»، أو من المقيمين، هي لفظة مثل مئات الألفاظ، كان ولا يزال اهل الكويت يستخدمونها، وهي فارسية الأصل، وتعني غير النظيف أو الوسخ القذر… إلخ.
وشعوري المتزايد بالزمن الكسيف الذي نحياه ما نشرته القبس الجمعة بأن موانئنا صنفت دولياً ومن قبل المنتدى الاقتصادي العالمي، بأنها حلت في المرتبة الأخيرة خليجياً من حيث أداء موانئها؟! فالكويت تراجعت من ترتيب 4.4 نقاط إلى ترتيب 3.9 نقاط، في حين احتل لبنان المنكوبة بسياسييها و«لا» حكامها 4.1 نقاط، اي انها اعلى من الكويت؟! ولن أسبب الألم لكم باستعراض المراكز التي احتلتها دول مثل الإمارات التي احتلت المرتبة الثالثة عالمياً من بين 144 دولة في تقرير التنافسية العالمية، مسجلة 6.5 نقاط من 7 نقاط هي الأعلى!؟
لن أقول مثل ذلك المذيع المصري في إحدى القنوات المصرية الذي دائماً ما يردد «أقوم اضرب نفسي بالــ …..»؟! ولكنه حال حزين وكسيف في آن واحد، فأينما نولي وجوهنا نلقى الفشل والتقاعس والتقهقر للوراء في صعيد وراء آخر، فنحن لم نسلم لا على بنى تحتية ولا تعليم ولا صحة، ولا انعتاق من روتين؟! مع فساد يكتم علينا انفسنا بالرغم من اغراقنا بمؤسسات مكافحة الفساد، التي لم نجن منها، حتى الآن، إلا ابتسامات المنتسبين لها لكاميرات الاعلام! وكأنهم نجوم هوليوديون على السجاد الأحمر في كان أو لوس أنجلوس!؟ وفساد متنام، مستشر في كل مناحي ومفاصل سلطتنا التنفيذية والتشريعية والرقابية من دون رادع لا من ضمير ولا من خلق ولا من غيرة على سمعة الكويت واهلها الذين تربوا وعاشوا على الريادة والقيادة على جميع الصعد في زمنهم النظيف.
***
في يوم الجمعة نفسه، وبعد ان انتهيت من قراءة خبر القبس المتصدر لصفحتها الأولى، والذي «سمم لي بدني». على حد قول إخواننا اللبنانيين، وفي مكتبي المنزلي فتحت جهاز التلفزيون، وإذا به على القناة الأولى لتلفزيون الكويت الحكومي – التي نادرا ما أشاهدها، لمحاصرتنا انفسنا بمحطات التلفاز المشفرة الأجنبية – ولكنني شكرت الصدفة التي اعادتني بقوة جامحة للزمن النظيف الذي أحمد ربي أني كنت أتنفس هواءه، وعشته مع أهلي وأقراني وأصحابي بالطول والعرض.
ما شاهدته وأثلج صدري عمل فني شاهدته وشاهدتموه عشرات المرات، ولكني رأيته بعيون أخرى هذه المرة، عيون الجائع الى انجاز.. الى تميز.. إلى تربع على القمم… شاهدت الملحمة الغنائية الفكاهية الفنية «بساط الفقر».. وكأني أشاهدها للمرة الأولى، فالتكامل في العمل والجرأة في الطرح والموهبة الخلاقة والمتوثبة في كل ثانية وجزء من ذلك العمل اذهلتني وارجعت ثقتي وفخري بنفسي لكوني كويتياً أنتمي لنفس جنسية ومحيط ومجتمع صانعي ذلك العمل والمشاركين فيه.
انتقلنا من الكويت إلى العراق إلى مصر إلى الجزيرة العربية القديمة إلى لبنان ثم الهند، بعمل فني متكامل جريء رأينا الرقص «الجوبي»، و«الشرقي»، و«الهندي» الذي منعه أهل الردة الأصولية في ما بعد، وجارتهم حكومة «المشي تحت الطوف»، ورأينا التقليد المتقن لعادات وتقاليد وفنون الشعوب الشقيقة والصديقة، ولم يزعل أحد حينها أو يحتج.. رأينا الإبداع الفني تجلى بأحلى صوره من كويتيين «بطن وظهر» ابدعونا واتحفونا.. فشكراً لهم عبدالحسين عبدالرضا، وسعاد عبدالله وزوجها المبدع فيصل الضاحي وإبراهيم الصلال ومحمد جابر وغيرهم الكثيرين من أهل الكويت.. هذا العمل الذي رأى النور في الثمانينات لم يستطع أحد منافسته، لا من مصر شيخة الفن العربي، التي لا نزال نرى في أفلامها الخليجي يلبس الغترة «بصفطة مستطيلة»، مثلها مثل مسلسلات هوليوود، مع أن ملايين المصريين يعيشون في الخليج؟! ولم نر عملاً ولن نرى عملاً مماثلاً، لا من اخواننا في الخليج «اللي ماكلين الجو هالأيام»، ولا من شعوب المغرب.. لذلك نحيي ونفخر بكويت الزمن النظيف.
.. ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.