ولد “فنان العرب” محمد عبده عثمان عسيري بمدينة الدرب التابعة لمنطقة جازان الواقعة جنوب غرب السعودية، لكن لا أحد يعرف تاريخ ميلاده على وجه التحديد. وحسب الكبير الذي قام بتحديد عمره قال إنه من مواليد (عام 1368هـ. 1948م). “سيدتي” تنشر صوراً نادرة لـ “فنان العرب” ومحطات خاصة في حياته وأرقاماً وتواريخ صنعت مسيرته
توفّي والده وعمره سنة نصف السنة، فنشأ يتيماً حيث عاش طفولته بدار الأيتام. في العام 1960 التحق بالمعهد الصناعي بجدة، وحصل على دبلوم في صناعة السفن عام 1964. وعمل في بداية حياته بالبريد.
بدأ مشواره الفني كهاوٍ عام 1957 من خلال الأناشيد في المدرسة، ومن ثم شارك في برنامج الإذاعة «بابا عباس» عام 1960 م، واكتشف موهبته وتبنّاه فائق عباس غزاوي والشاعر طاهر زمخشري والملحن عمر كدرس.
ما بين عامي 1960 و1964 بدأ اهتمامه بالغناء والموسيقى، وكان وقتها يقوم بتقليد وأداء أغنيات عدد من الفنانين السعوديين المشهورين آنذاك، أمثال سعيد أبو خشبة ومحمد علي سندي وطارق عبدالحكيم وطلال مداح.
في العام 1964 كانت المرحلة الأولى للانطلاق نحو آفاق تساعده على تحديد هويته الفنية. وكانت أول محطة له السفر إلى بيروت على نفقة الإذاعة السعودية، وبصحبة الشاعر الراحل طاهر زمخشري والموسيقار الراحل عمر كدرس. وهناك تعرّف على الملحن السوري محمد محسن الذي أخذ من الزمخشري كلمات أغنية «خاصمت عيني من سنين» وقام بتسجيل مجموعة أغنيات، منها «خاصمت عيني من سنين» التي كانت أول أغنية خاصة بالفنان محمد عبده.
أول محطة خليجية
المحطة الثانية رحلته للكويت عام 1965. وهي أول محطة خليجية، حيث سجّل لإذاعة الكويت مجموعة من الأغاني الجديدة، والتي اعتبرها نقطة انطلاق كبيرة له كمؤد وكملحن. ومن الأغاني التي سجّلها «هلا يا بوشعر ثاير»، التي كانت أول تعاون له مع الشاعر الأمير عبد الله الفيصل، وأول لحن للفنان محمد عبده قبل بدء الإرسال التلفزيوني عام 1965.
يقول الفنان محمد عبده إنه أثناء توقّفه في هاتين المحطتين قام بإحياء عدّة حفلات كانت ناجحة بشهادة الكثير ممّن حضرها، أو من قبل الكتّاب والصحفيين. وبالرغم من هذا النجاح، إلا أنّه كان ينظر إلى ما هو أبعد من ذلك.
عام 1967 كان مميّزاً في حياة الفنان محمد عبده، حيث قام بتلحين كلمات الشاعر الغريب، وهي أغنية «الرمش الطويل» حيث وزّع من هذه الأسطوانة أكثر من ثلاثين ألف نسخة. وحقّقت له النجاح والانتشار في السعودية والخليج. وفي العام نفسه، جاءت رائعة «لنا الله» من ألحان الموسيقار الراحل طارق عبد الحكيم وكلمات الشاعر ابراهيم خفاجي.
يقول الفنان محمد عبده، لقد كانت المحطة الثالثة ضرورية لاستمرارية النجاح وتأكيد هويته الفنية، وهذه المحطة غيّرت الكثير من طريقة الأداء واختيار ما هو أجمل، عندما سافر إلى القاهرة للمرّة الأولى عام 1969. ويضيف: «في زيارتي الأولى قمت بتسجيل بعض الأغنيات، ولأسباب فنية لم تظهر هذه الأغاني، ثم كرّرت الزيارة في عام 1971. وهناك ولأول مرّة أقوم مع المونولوجست السعودي حسن دردير بتصوير المسلسل الأول والأخير لي «أغاني في بحر الأماني». وسجّلت في هذا المسلسل أغنيتي «يا مركب الهند» و«شوفي يا عيني الحنان» من كلمات الأمير محمد العبد الله الفيصل، وغيرهما من الأغاني التي سبق وقدّمتها واشتهرت في وسط الجمهور الخليجي».
عام مميّز في حياته
يعتبر عام 1973 من أبرز محطات محمد عبده مع الشهرة العربية، والتي يقول عنها: «كانت زيارتي الثالثة للقاهرة مختلفة كلياً، حيث أصبحت فناناً معروفاً في الوسط المصري. ولأول مرّة شاركت في حفلات البرنامج الشهير «أضواء المدينة». وهذه المشاركة هي أمنية كل فنان عربي يريد الانطلاق نحو آفاق الطرب والمغنى، وقدّمت في هذا البرنامج أغنيتين هما «أيوه» و«في أمان الله».
أيضاً سجّل عام 1982 محطة مميّزة في مسيرة محمد عبده الفنية، حيث أصبح في هذا العام يحمل لقب «فنان العرب»، الذي أطلقه عليه الرئيس التونسي الراحل الحبيب بورقيبه، وكذلك منحه وسام بورقيبه للاستحقاق الثقافي بمناسبة اختتامه للحفلات التي قدّمها آنذاك، وأيضاً بمناسبة احتفال بورقيبه بعيد ميلاده، الذي استقبله وسلّمه الوسام تقديراً لفنه الرفيع ولقّبه بـ «فنان العرب». وعام 1985 منحه خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز وسام وميدالية الاستحقاق من الدرجة الثانية.
في عزّ انتشاره وشهرته قرّر الابتعاد عن الساحة الفنية، لكنه لم يكن اعتزالاً بالمعنى الحرفي. في العام 1989 توقّف عن الغناء في الحفلات لمدّة 8 سنوات، إلى أن قرّر العودة من خلال حفل لندن الشهير عام 1997. كان لابتعاده أو توقّفه عن الحفلات عدّة أسباب خاصة، أهمها وفاة والدته (رحمها الله)، التي تعتبر شعلة وقود ونجاح محمد عبده فنياً واجتماعياً. وأيضاً لمراجعة ما قدّمه وما سيقدّمه. ورغم أخبار الاعتزال إلا أنه قدّم «أنشودة المطر» من كلمات الشاعر بدر شاكر السياب، وأغنية «البرواز»، وعدّة ألبومات على شكل جلسات حملت اسم «شعبيات». كذلك قدّم ألبومات وطنية تحمل صورته بالزيّ العسكري، بعد أن تطوّع في الجيش إبّان احتلال العراق للكويت.
في أواخر شهر أبريل (نيسان) عام 2011 سافر الفنان محمد عبده لزيارة ابنته ود، التي كانت تدرس في باريس، وللاطمئنان عليها. وفجأة شعر بدوخة أدخل على أثرها أحد المستشفيات. وقد أكّد الأطباء أنه تعرّض لأكثر من جلطة سلّمه الله منها. وخرج من المستشفى يوم الثلاثاء 10-5-2011، ليتوجّه إلى مدينة «كان» الفرنسية ويقيم فيها مدّة أسبوعين أو أكثر لقضاء فترة النقاهة هناك. وبعد غياب حوالي ثلاثة أشهر، وتحديداً يوم الثلاثاء 09 أغسطس (آب) 2011، وصل الفنان محمد عبده مطار الملك عبد العزيز بجدة على الطيران الخاص «جت أفييشن» وكان في استقباله للاطمئنان على صحته وفود من الفنانين والجماهير. وكانت بصحبة الفنان محمد عبده زوجته التي أُعلن عن زواجه منها وهو في فرنسا، وهي فتاة فرنسية تدرس بإحدى الجامعات هناك ومن أصول جزائرية، والتي أنجبت له في ما بعد ابنه خالد.