الهوة عميقة جدا
والأماني متزاحمة
والحقائق بين شد وجذب
تارة نظن اننا وصلنا اخيرا
وما أن نصل ،نتفاجأ بأننا مازلنا عند نقطة البداية،
هكذا بدا لي بعد أن خرجت من احدى الوزارات الحكومية حيث كنت اقوم بمراجعة بعض الامور المتعلقة بالوظيفة والحصول على فرصتي مرة اخرى في العمل بها، ولا أخفي عليكم كم الإحباط والحزن الذي خيم علي وقتها ، لأنني كنت دائما على يقين بصلاحيتي وكفائتي وقدرتي على العطاء المستمر، الوقوف على رؤوس الأحداث يعتبر أحيانا الإجابة على أكثر الأسئلة صعوبا، لكن الأمر له عدة زوايا ، فأنت عندما تبدأ مسيرتك المهنية تبدئها بنشاط وحماس من يريد فعلا التميز والنهضة والتقدم ،وعندما تترك كرسيك فارغا منك وتغادر المبنى عليك مغادرته بنفس ذلك الحماس لتبدأ غدا بنشاطك المعهود وعطاؤك المستمر ،لكن عندما تقرر الرحيل المؤبد عن مقر عملك ،هذا يعني ان كمية العطاء لم تلق استحسانا كافيا على روحك ،وانك بذلت كل مابوسعك بذله لتبقى لكن دون جدوى ،فتزاحمت بداخلك المتضادات ،واصبحت تبحث عن فرص لاثبات قدرتك اكثر على مواصلة الطريق ،لكن دون جدوى ففتحت بابك معلنا الوداع، وياليت كل النهايات تكون كما البداية بنقائها وجماليتها على نفسك،لا احب حتى ذكر البدايات على الرغم من جمالها لهول ما رأيت على وجه التحديد لسلك التعليم في الكويت، الأمر أشبه بلعبة شد الحبل ،أي فريق يسقط الآخر ليعلو على كرسي الفضيلة والثقة والأهلية، أو لعبة الكراسي حيث ستخرج من اللعبة حتما ان لم تكن سريعا في الجلوس على كرسي النفاق،نعم هكذا علمتني تجربتي في العمل بوزارة التربية ، النفاق سيد الحضور في كل نشاطاتك ان اردت الحصول على قبول او ترقية أو استحسانا من الادارة المدرسية، يؤسفني أن يكون آخر ما ينظر إليه للمعلم هو مدى تأثيره على طلابه، ذلك القائد المربي الذي لايقل أهمية عن الدكتور والمحامي والمهندس بل هو نتاج كل هذا أصبح برأيي(البنك المركزي) لمشاريع وزارة التربية دون الالتفاف الى مخرجات التعليم التي أصبحت نقيض مايكرسه المعلم من وقت وجهد وسهر على طلابه، يؤسفني حقا الحقد الاجتماعي الذي يحدث للمعلم من نظرة ثاقبة على مرتبه،ونظرة دونية لعطائه والقاء النكت الساخرة رغم مكانته العظيمة التي قاربت مكانت الرسل ، كاد المعلم ان يكون رسولا..
كم اتمنى ان ينظر الى المعلم بعين الرحمة قبل كل شيئ ، وأن لايهمش دوره في الميادين التربوية فكل عمل تحت رعايته لايذكر حقه فيه كاملا،وان ذكر كان بخط تصعب على العيون قرائته ،ليبرز دور مرؤسيه فيه ،
خرجت وفي قلبي أمنية أن يبارك الله جهود المعلمين والمعلمات ،وان لاينالهم شيئ من الاذى النفسي والاحباط الروحي ،فهم أهم من أن ينظر إليهم بلا اعتبار،
اتمنى ان يعود المعلم ليصبح كما قيل عنه رسولا ،بدل من ان يصبح لما يلامسه من واقع مخذولا..
وسمية الخشمان