جديد الحقيقة
الرئيسية / أقسام أخرى / منوعات / رحلة داخل غُرفة شاب قبل وبعد الهاتف الذكي: 20 عامًا كانت كافية لتحويل مُتعلقاته لمجرد أيقونة

رحلة داخل غُرفة شاب قبل وبعد الهاتف الذكي: 20 عامًا كانت كافية لتحويل مُتعلقاته لمجرد أيقونة

استيقظ الشاب من نومه على صوت مُنبه الساعة، أفاق، اعتدل واقفًا، نزع ورقة من روزنامته التي تحمل رقمًا من  أعوام عِقد التسعينيات، ثُم أدار المذياع إلى أن أنهى طقوسه الصباحيّة، ولجأ إلى مكتبه ليستكمل قراءة روايته التي توقف عند صفحاتها ما بعد المائة.

خلال عِقدين من عمر شاب التسعينيات ذاك، هل تتخيل ماذا يُمكن أن يكون تغير في مُحيط معيشته؛ غرفته فقط؟، نستطيع رسم ذلك في مخيلتنا في رحلةٍ مقدارها 20 عامًا من عقد التسعينيات وحتى أول عِقدٍ في الألفية الثالثة، إذا طرقنا باب غرفته ودخلنا.

hqdefault (6)

ساعة، مُنبه، روزنامة، مُسجّل، راديو، شرائط كاسيت، كُتب وروايات متراصّة، صورًا مُعلقة على الحائط، مُفكرة جلديّة، وعُلبة للأقلام، مع ظهور الكمبيوتر في مصر منتصف التسعينيات وحتى أخذه في الانتشار نهاية العِقد، بدأ يأخذ مكانه على مكتب ذاك الشاب، وكأنما اكتسب قوة ساحبة لما حوله، يبتلع محتويات الغرفة شيئًا فشيئًا، بدأ التراب يعتلي شرائط الكاسيت والمُسجّل، ثم أصبح لا داعي لهما، فهناك «فولدر» يُغنيك عن كل هذا، ولكن لما لا تتخلص من زحام تلك الكتب أيضًا، ألم تدرِ بالـPDF، تستطيع أن تقرأ ما تحب على الشاشة الإلكترونية دون تعب، وحتى أنك لا تحتاج لتلك الورقة التي اعتدت وضعها لتذكيرك أين وقفت، فالحاسوب سيتذكّر عنك.

read

منظر الجدار لا يُعجبني أيضًا، تستطيع التخلص من كُل تلك الإطارات الخشبية، والاكتفاء بذكرياتك المصوّرة في مجلّد «Photos» كما ستحظى بمساحة تخزينٍ أكبر لن يسعها الجدار حتمًا، وأيضًا لِمَا تلك الروزنامة وأوراقها الكثيرة التي تضطّر يوميًا لقطعها الواحدة تلو الاخرى، الـ Calendar  الخاصة بحاسوبك ستُعطيك تاريخ يومك دون الحاجة لأوراق الروزنامة، بل وتستطيع تفقّد أيامًا سابقة أو تالية بسهولة، ولا تنسى أيضًا أن تبيع جهاز الـAtari الخاص بك، يمكنك أن تكتفي باللعب على حاسوبك، إلا إذا كان لديك جهاز Playstation فهو أجدر وأكثر تطورًا فيما يخص اللعب.

مُنتصف العِقد الأول بعد الألفية الثانية، يبدو أن حجم ذلك الحاسوب يُضيّق عليك غرفتك، لما لا تحظى بأحد أجهزة الكمبيوتر المحمولة Labtop وتوفّر بعضًا من مساحة الغرفة لسنتيمتراتٍ من الأكسجين، الآن تستطيع حمل محتويات الغُرفة التي اختزلها الحاسوب، معك أينما كُنت، تسمع أغانيك التي كانت حبيسة شرائط الكاسيت، تشاهد صورك التي صُلبت على الحائط لسنوات، وباقي الأغراض، الآن أيضًا تستطيع التخلُّص من البلاي ستيشن الخاص بك، ومارس اللعب على الحاسوب المحمول الأكثر تطورًا في تلك المرحلة.

comp4,0

ثُم لِمَا العبء الثقيل في حمل اللابتوب، ألم تسمع بالهواتف الذكيّة التي تستطيع إزالة عبء أغراض غرفتك عن حاسوبك المحمول، كُل غرضٍ لك، هو هنا أيقونة على شاشتك، رهن لمستك، المُفكّرة، الراديو، الأغاني، قراءاتك من كتبٍ وروايات، وحتى حق اللعب مكفولٌ أيضًا، الهاتف الذكي أصبح بمثابة غرفتك الافتراضية.

مشهد موازي لمشهد الافتتاحيّة لكن بعد عِقديْن؛ الشاب الآن يستيقظ على صوت مُنبه هاتفه الذكيّ، يُسكته بسحبةٍ على الشاشة، أفاق، اعتدل واقفًا، تفحّص هاتفه بحثًا عن رسائل أو مكالماتٍ فاتته، ثُم مرّر عينيه على تاريخ اليوم، فتح تطبيق الراديو على هاتفه، أنهى طقوسه الصباحيّة، ثُم لاذ إلى مكتبه الذي أصبح فارغًا، وضع السمّاعات في أُذنه، فتح ملفًا، وبدأ يستكمل قراءة الصفحات الافتراضية لروايته الـ PDF، لكن شيئًا تغيّر، الغُرفة أصبحت واسعة جدًا، سعةً تُخيف، فراغٌ كئيب؛ الساعة، المُنبه، الروزنامة، المُسجّل، الراديو، شرائط الكاسيت، الكُتب والروايات المتراصّة، الصور المُعلقة على الحائط، المُفكرة الجلديّة، وعُلبة الأقلام، التكنولوجيا خلصتنا من زياداتٍ بدت غير مرغوب بها، لكن من قال أن الأُنس والأُلفة في أغراضنا البسيطة غير مرغوبٍ بها.

استيقظ الشاب مفزوعًا، يبدو أنه عايش كابوس مُفزع عن مُستقبلٍ قريب سيضطّر فيه إلى التخلص من أغراضه في ركاب التكنولوجيا، لكنه حمد الله أنه ما زال هنا، ففرَكَ عينيه، وأفاق، اعتدل واقفًا، نزع ورقة من روزنامته التي تحمل رقمًا من  أعوام عِقد التسعينيات، ثُم أدار المذياع إلى أن أنهى طقوسه الصباحيّة، ولجأ إلى مكتبه ليستكمل قراءة روايته التي توقف عند صفحاتها ما بعد المائة.

gal.smart.phone.hands.jpg_-1_-1

عن ALHAKEA

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*