الرئيسية / كتاب وآراء / دخول روسيا الحرب في سورية ليس مجرد رسالة إلى أميركا.. يكتب وليد الرجيب

دخول روسيا الحرب في سورية ليس مجرد رسالة إلى أميركا.. يكتب وليد الرجيب

أصبوحة  –  على أعتاب عالم جديد

وليد الرجيب

نحن اليوم على أعتاب عالم وواقع جديدين، بعد دخول روسيا بقوة كقطب ولاعب قوي في الساحة الدولية، منهية بذلك القطب الأميركي الأوحد الذي ساد فترة ربع القرن الماضي، ومفجرة بذلك تناقضات العالم الرأسمالي والامبريالي.

ودخول روسيا الاستعراضي الحرب على سورية، هو ليس مجرد رسالة إلى الولايات المتحدة، بأنها لم تعد تتحكم بالعالم وحدها، بل إنه أيضاً رسالة وتحجيم لبعض الدول الإقليمية وأجنداتها في المنطقة، أنه مجرد تحجيم في هذه الأثناء، للاستفادة منها في هذه الآونة لتحقيق أهداف روسيا التي لن تقف في المنافسة واقتسام النفوذ عند سورية.

فبوتين أعطى للغرب انطباعات مربكة، فهو من ناحية لم يستقبل الأسد استقبال رؤساء، وتركه ينتظر وحيداً دون مرافق، ومن ناحية أخرى هدد بضرب الدول التي تزود المعارضة بصواريخ مضادة للطائرات، ولكنه لم يدخل كعنصر عسكري فقط، بل استخدم القوة العسكرية لتقوية وضعه التفاوضي حول ترتيبات مستقبل سورية، فاتصالاته بقادة دول المنطقة مثل تركيا والمملكة العربية السعودية ومصر وإيران وإسرائيل، هي لإقناعهم بأهمية وصحة سياسته في سورية، من أجل ضرب الجماعات الإرهابية من ناحية، وللتسوية السياسية المستقبلية التي قد لا يكون الأسد طرفاً فيها في المستقبل القريب، إذا ما تمت تسوية سياسية، بتشكيل حكومة موقتة يكون للأسد وضع شكلي وموقت فيها، منهياً بذلك التسويف الأميركي وتعدد التدخلات الإقليمية والدولية، وليقول إن بوتين جاء ليحسم حتى ولو بعد حين قريب نسبياً.
كما جاءت تحذيرات الخارجية الروسية للبنان، من خطر الإرهاب الماثل والتدخلات الإقليمية، كخطوة استباقية وإشارة بأن روسيا سيكون لها دور في الشأن اللبناني، بعد أن أعطت تطمينات لإسرائيل وتعهدات بأن تبقى حدودها الشمالية آمنة.
وهذا «الاقتحام» القوي إن جاز التعبير لحلبة الصراع الشرق أوسطية بين أميركا والدول الإقليمية وبين روسيا، ليس فقط سياسياً أو استعرض قوى، ولكن لأن سورية ولبنان، أي منطقة شرق المتوسط تحوي مخزوناً هائلاً من النفط والغاز، ولن تترك الولايات المتحدة لتستحوذ عليه وحدها.

وتشير تقارير المراقبين إلى تراجع الدور الأميركي الأوحد، أمام الاندفاع الروسي القوي، الذي فرض نفسه على أرض الواقع، وأما الاعتراض الأميركي على التدخل الروسي، فهو لا ينطلق من مبدأ رفض التدخل الخارجي في الشأن الروسي، فأميركا ذاتها وبعض دول الإقليم تتدخل في الشأن الروسي، ولكن هذا الاعتراض ينطلق من الصراع على النفوذ، وفي كل الأحوال نحن الآن على أعتاب عالم جديد يتشكل، لابد وأن ينعكس علينا.

عن ALHAKEA

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*