«ماما… أنا جيت إزاي؟».. «هو ربنا فين؟!»… «هي تيتا هتموت؟»
لا تُقارن إجابات هذه الأسئلة الطفولية بصعوبة إجابات الكِبار الوجودية، إلا أن أسئلة أطفالهم تظل عبئًا يحملونه فوق عبء أسئلتهم المتروكة؛ وكل هذا لأسباب تتعلق بخوفهم المفرط بأن تكون إجاباتهم غير مناسبة لأطفالهم تمامًا، أو صادمة عاطفيًا بالنسبة لهم، أو كون المجالات محل السؤال مجالات محرجة أو صعبة بطبيعتها كأحاديث التشربح والجنس والإيمان والفلسفة.
وبالرغم من أن دوافع مُختلفة هي من تحرِك فضول الأطفال، من بينها قوة ملاحظتهم وحُب استطلاعهم، أو مُلاحظات زملاء الصف المدرسيّ التي لا يفهمونها تمامًا، إلا أن مجموعة من الأسئلة متكررة جدًا بين أطفال نعومة الأظافر وسنوات العُمر التي تتعدّى بالكاد أصابع اليد الواحِدة.
في هذا التقرير تستعرض «المصري لايت» مجموعة من أشهر الأسئلة التي قد تدور في ذهن طفلك، وقد تباغتك بين لحظة وأخرى بغير أن تكون مُستعدًا للإجابة عليها، وسبيلك للإجابة على هذا الأسئلة، بحسب ما جاء في كتاب «كيف تقولها لأطفالك؟»، للدكتور «بول كولمان».
5. «أنا جيت إزاي؟!»
من بين جميع الأسئلة التي تُراود طفلك، يظل سؤال من أوجد هذا الطفل في بطنِك، أو كيف جئت إلى الدُنيا، أو من أين جئت هو السؤال الأعقد الذي تشعرين معه دومًا بالتوتُر في أقصى درجاته نظرًا لما قد تنطوي إجابته على إفصاح عن تفاصيل مُحرجة، ورُبما لا تعرِف مدى تقبُل الطفل لها، غير أن مجموعة من الإرشادات في سياق الإجابة على هذا السؤال.
تجنُب الكذب وخدع التهرُب من الإجابة أمرٌ أساسي، فما بين حيلة جئنا بك من «سوق الأطفال»، وبين «عيب الكلام اللي بتقوله ده» تقع أخطاء الأمهات والآباء الشائعة في الإجابة عن أسئلة الأطفال الصغار فيم يتعلق بالجنس، فالإجابات الفانتازية تفسّر لدى الأطفال فيم بعدُ بأن أحد الوالدين كاذب، أما التقريع والعقاب على سؤال الطفل يجعل جميع أسئلته في هذا السياق مُعلّمة بعلامات حمراء تشير لغضب الآباء وبالتالي الأسلم اللجوء لمصادر أخرى أنت لا تملك اليقين حول نسبة صحتها وسواءها، كجماعات الأصدقاء أو محركات البحث وبالذات في مراحل المراهقة المُبكّرة.
هذا بينما يعُد الإفصاح المُفصل أيضًا اختيار غير حكيم من قبل الشخص المُجيب، يذكر الدكتور «بول كولمان» صاحب كتاب «كيف تقولها لأطفالك؟»، أن الشعرة الرفيعة التي لابُد أن يمشي عليها الشخص المجيب هي الفرق ما بين أن يكون مُعلِمًا بشكل عام، وأن يكون موضّحًا لتفاصيل قد لا يفهما عقل الصغير.
4. «ليه أنا وأختى مُختلفين؟»
تأتي في المرتبة التالية للأسئلة المحرجة أو الصعبة التي يتحاشى الأهل الإجابة عنها الأسئلة الخاصة بالفروق التشريحية بين الأولاد والبنات، غير أن أغلب المختصين يرونها فرصة سانحة لتعليم وتوعية الأطفال ماتعنيه «أعضاءهم التناسلية»، والتصرُفات السليمة في حال حاول أحد الكبار مُلامستها أو الاقتراب منها بشكل غير مناسب.
وكتقنيّة أساسية ومفيدة للإجابة على مثل هذه الأسئلة، وهي معاجلة الطفل بسؤال «لماذا تسأل هذا السؤال؟» لمعرفة ماهو الشئ الذي أثار فضوله بالذات، مما يُسهل مهمة الإجابة، بالإضافة إلى أن ذعر وهلع تلقي سؤال من هذه الفئة من قبل طفل قد يدفعك لتفسير سؤال عادي سأله على أنه سؤال معقّد أو محرِج، بيد أنه من الممكن أن يكون محض سؤال عادي، وفي هذا السياق اعتاد خبراء التربية التندُر بحادثة الطفل الذي سأل والده «من أين أتيت أنا يا أبي؟»، ليبدأ الأب في سرد عملية علمية معقدة له أصابت الطفل بالذهول، ليفاجئ الأب أخيرًا «ما كُل هذا، فصديقي يأتي من المدينة الفُلانية». سؤال آخر يمكنك أن تسأله لطفلك لكيّ تأخذ وقتك في تجميع أفكارك من ناحية، ومن ناحية أخرى تستطيع تكوين صورة كاملة نسبيًا عمّا يعتقد فيه الطفل وخلفيته المعرفية عن الأمر «وماذا تعتقد أنت عن إجابة السؤال؟».
أما بشأن الإجابة على سؤال الفروق التشريحية بين الأولاد والبنات، فإن «آلان كازدين»، بروفيسور علم نفس الأطفال في جامعة «يال»، يرى أن الطريقة المُثلى هي تقريب الأمر للطفل عن طريق تمثيله في الطيور والحيوانات، وهي أن الاختلاف بين أعضاء ذكر وأنثي حيوان الطفل الأليف هي المسؤولة عن صغار العصافير أو القطط أو الجراء التي تولَد أو تفقس بين موسم والآخر.
3. «اللي بيموت بيروح فين؟»
بكُل براءة طفوليّة، يثير الموت الذي قد يخترم أحد أفراد العائلة، أو بعض الأشخاص في الجيرة فضول الطفل، وفي ظروف الحُزن رُبما يفضّل الوالدين اختراع محطات وصول رومانتيكية لفقيديهُم، كسفر طويل وبعيد، أو رحلة أبدية للسماء، كحجج تبرر غياب أحد أفراد العائلة بغير عودة.
يعتقد «بول كولمان» أن الأطفال بحلول سن السادسة يمكنهم ملاحظة غياب الأشخاص وإدراك فكرة الموت، ومن ثم يصح توقع سؤال موضوعه الموت حول هذه المرحلة العمرية قد يكون أمرًا مفيدًا، مع اختلاف صيغة السؤال، فمن الممكن أن يكون السؤال نابعًا من هاجس شخصيّ للطفل إزاء أحد أقربائه، أو أحد الوالدين، لحقيقة اعتماده عليهما في تسيير أموره، وخوفه ألا يقوم أي شخص على رعايته من بعدهم، ليعاجل أحدهم بسؤال مقبض «هل ستموت؟»، أو رُبما يكون ماهية الموت نفسه هي موضع الاستفسار، ليُصيح السؤال الذي يشغل بال الطفل «ماذا يحدث بعد الموت؟».
وفي حين قد تكون الإجابات المقبضة جاهزة ومعلبة تمامًا للإلقاء على مسامع الطفل، كوصف دقيق لرحلة الجسد بعد الموت لمرحلة التحلل، أو إقرار حقيقة أن كُل الأشخاص مصيرهم الموت مع عدم اشتراط وجود مقدّمات. بدون سرد أي عبارات تطمينيّة تقلل من شعور الطفل بالخطر.
غير أن الخيار الأسلم فلا يُصاب الطفل بأي صدمات عاطفية أو أشكال من الهلع والتوتر غير المُبررين هو خيار الصدق مع الحرص على التخفيف من حِدة الحقيقة، «أجهزة الجسم تُبطي في سيرها، ويتوقف القلب، ومن ثم تتوقف الرئة عن تلقى الأوكسجين»، يرى «جيمس بروش» الدكتورالاختصاصي في علم نفس الأطفال بولاية أوهايو أن هذه الإجابة على اقتضابها مُعلمة كفاية للطفل عن ماهية الموت، في وقت قد لايكون فيه الطفل محتاجًا للمعلومات، قدر مايحتاج لجواب يهدئ من روعه.
أما فيم يخُص سؤال أحد أفراد العائلة إذا ماكان سيموت، فإن الجواب بأن الجميع إلى مصير الموت دونما أية وسائل تطمينية ليس بكاف بالمرّة، فالتوضيحات بشأن أن أحدهم الوالدين أو الجدود لا ينتوون التخلي عن الطفل أو تركه، وأن الصحة الجيدة علامة على طول العمر، وأن حالات الوفاة غالبًا حينما يتعدى الإنسان عمر السبعين أو الثمانين، ليست مجرد توضيحات تكميلية أو ثانوية، حسب اختصاصية علم نفس الأطفال «سوزان بارتل» في نيويورك، وإنما ضرورية كيما يصاب الطفل بالهلع.
2. «هو ربنا شكله إيه؟»
بالرغم من أن الأسئلة المتعلقة بالعقيدة والإله والتعاليم الدينيّة وعدالتها رُبما تبدو للوهلة الأولى صادمة للأهالي، وعلى الأرجح مايتوقعونها في مراحل عُمرية مُتقدمة، إلا أنها من أكثر أسئلة التي تتكرر في سنوات عُمر الطفل الأولى.
وبالرغم من أنه وباختلاف الخلفية العقائدية للأهل والتي تختلف بها الإجابات حول هذه الأسئلة، إلا أنه توجد إرشادات عامة حول الإجابة عن هذه الأسئلة، منها ضرورة توقعها والبحث عنها، كذلك سلوك الشخص الذي يجيب على هذه السؤال لابُد أن يوضع في الاعتبار تمامًا، فما بين التأفف والغضب رُبما، وبين قالب «هذه أمور ستعرفها ريثما تكبر»، تقع أخطاء المُربين.
واحدة من ضمن الإرشادات الهامة في هذا السياق هو أهمية وجود حد أدنى من الثقافة الدينية المُتعلقة بهذا الأمر عن طريق سؤال رجال الدين أو قراءة الكتب التي توفر أساسيات المعرفة حوله، لأمان خطر عقيدة مشوشة ومرتبكة للطفل لا يستطيع تحمُل عقباها في هذه السن الصغيرة، مع مراعاة أن جواب «لا أعرف الإجابة عن هذا الموضوع تمامًا، اترك لي الوقت للبحث والتفكير» إجابة محتملة وغير خاطئة.
1. «هو ماما وبابا هيتطلقوا؟»
من أكثر الأسئلة التي قد تشكّل موضع تساؤل من قبل الأطفال، التساؤل عن مدى إمكانية انفصال الوالدين، والتي يُعنى بها الطفل في المقام الأول لخوفه من عواقب هذه الخطوة المتخذة من قبل الوالدين، وكيف سيصبح شكل حياته فيما بعد.
ويرى «كولن» أن أهم نقطة في الإجابة هي عدم التعريض بالطرف الآخر بالمرّة أو ذكر أي شئ يعيبه للطفل، أو أي تفصيلات زيادة عن تلك التي يعرفها الطفل مثل «لقد كنا نتشاجر كثيرًا في الفترة الأخيرة كما تُلاحِظ»، مع التركيز على طمأنة وتخفيف حدة كل مخاوفه إزاء حياته المجهولة فيما بعد طلاق الوالدين.
أما في حال أن الجواب بالنفي، فلعل الأمر في أسهل صوره، مع عدم ذكر أي تأكيد للأمر أو حتى احتماليته، إلا أن يكون الطلاق قد دخل في دائرة التحقق، والخطوات الجدية، كي لا يظل الطفل في هذه الفترة مهووسًا بالأمر.