ينتصر التغير في أن يكون الثابت الوحيد في هذه الحياة ، فالحياة تتغير ، وكل الأشياء تتغير، وكل الناس والقرارات والقناعات والأفكار والسياسات والطرق تتغير والأهم هو نوع وماهية هذا التغير ، إن كان للأفضل وللتقدم فهو التطوير بعينه وإن كان للخلف فهو التراجع بنظام ” للخلف در” ، أما إن كان “محلك سر ” فهو يتأخر تأخرا رجعيا في عدم مواكبة الحداثة مع ما تشهده الحياة من تقدم.
وقد يُقبل التأخير في دقيقة اودقيقتين ويوم اويومين ويقبل لظرف طارئ وعارض مفاجئ أما أن يكون التأخر نهج الوزارات في قراراتها فذاك مدعاة للوقوف عنده والحد منه والعمل على تسريعه ، خصوصا حين تكون تلك الوزارة وزارة بحجم وزارة التربية .
فوزارة التربية وزارة معنية بالأجيال ، محضن النشء ومصانع تهيئة شباب المستقبل وإعدادهم الإعداد المهني والعلمي والمعرفي والقيمي والسلوكي باستشراف تام لمستقبل مشرق لكويت أفضل .
والمتأمل حقيقة في واقع القرار التربوي وما يفترض أن يكون عليه من تطلع للتطوير في عين تنظر للحاضر وتوجهه للتغير المدروس وأخرى تستشرف المستقبل وتخطط له ، تجد أن الجهود في ذلك تكاد تكون ضئيلة إن لم تكن معدومة وأغلب القرارات تندرج تحت قرارات متأخرة وبالأثر الرجعي ، والكارثة أن في كثير من القرارات لا يقاس أثرها الرجعي ولا يُقدر بثمن لأن ما ترتب على تأخرها أكبر من أن يقاس ، وأعظم من أن يحصر ، وبل أن ينعكس أثرها على مخرجات العملية التعليمية فذاك هدر لأعظم وأهم ثروات الوطن .
فهل يُعقل أن تتغير المناهج الدراسية كل خمس أو ست سنوات !!
والأدهى من يضع هذه المناهج وما آلية اختيارهم؟؟
ومن يُقيم هذه المناهج ؟
وهل هذا التغير السريع في المناهج في ظل البون الشاسع يعطي المدى المناسب لقياس أثر المنهج؟؟
ومع حالة الااستقرار وتغير هذه المناهج ، ما مدى تهيئة المعلمين لها وتدريبهم عليها ؟
والأبلى أن حتى أساليب التدريس تغيرت واعتمدت الكفايات دون أدنى معلومة عند كليات تخريج المعلمين والمعلمات كليات التربية التي مازالت تدرس منهجية التدريس وفق الطرق القديمة وتعلم معلمي ومعلمات المستقبل صياغة الأهداف .
وما ناتج عمل الفريق المخول لوضع لائحة وشروط وضوابط الدورات التدريبية المقررة وفق قانون كادر المعلمين ؟ وهل تم تشكيل الفريق أصلا ؟
وهل سيتم وضع رخصة قيادة الحاسب الآلي ضمن الدورات التدريبية ؟ وماذا عن تطور تكنولوجيا التعلم خصوصا بعد توزيع وتعميم استخدام الحاسب اللوحي في المرحلة الثانوية ؟ فما مدى تهيئة المعلمين والمعلمات لاستخدامه بل وحتى الطلبة ؟
الحاسب اللوحي الذي أرجو إلا يطاله ما طال الفلاش ميموري قبله ،
فمن المؤسف أن يكون التطوير في وزارة التربية قائم على هدر المال دون أي نفع حاصل ودون أدنى تهيئة أو استفادة أو استثمار للطالب والمعلم فذاك يعني هدرا عاما للوطن وكل ثرواته والأبلى والأمر أن يبلغ الهدر في طاقاته الشبابية وأجياله المستقبلية التي يجب أن تحمل هم هذا الوطن .
كلنا في محله مؤتمن على هذا الوطن ، مسؤول عنه ولو بكلمة حق ربما يكون لصداها أثر .
ثم مع مشكلة الترفيع الوظيفي والتي تم حلها مؤخرا مهم جدا أن نعرف كيف يتم ترفيع المعلمين بشكل آمن في ظل تأخر هذا الملف وما ترتب عليه من مرور أعوام ؟ فما الآلية التي تضمن وضوح ترقية المعلم وبلوغ تمام حقه وماذا عن مكافآت المالية المترتبة على تأخر حل هذا الملف وتراكماته .
إن التعامل مع وزارة بحجم وزارة التربية يتطلب مرونة ووعي ، كما يتطلب قلوب تحمل هم الوطن وترى مستقبله في عين كل طالب وفي كل معلم وفي كل قرار بعيد المدى بالغ الأثر ، ولا أعرف كيف يكون ذلك في ظل التغيير الذي يطال حتى منصب وزير التربية وفي فترات ومنعطفات وأوقات تحتاج للاستقرار أكثر من حاجتها لأي شيء آخر ففي ظل وزير من الميدان وآخر من خارجه ، ووزير بالأصالة وآخر بالإنابة وحالة من التوهان يعيشها الميدان وإن لمسنا مؤشراتها اليوم إلا أننا سنرى أثرها وسنشهد انعكاساتها في الأجيال القادمة .
يظل المجلس الأعلى للتعليم يسجل غيابا تاما عن المشهد .
ويبقى السؤال هنا عن منهجية التطوير في وزارة التربية هل هي في “محلك سر ” أم أنها “للخلف در ” .
كتبه بشيء من الألم مواطن مؤتمن يرجو أن يكون مخلصا لهذا الوطن .
متعب شجاع العتيبي