تتجه بعض الوزارات والهيئات الحكومية إلى تطبيق نظام بصمة الحضور والانصراف في دوام الموظفين، وسبقتها في تطبيق هذا النظام جهات حكومية عديدة منذ سنوات، ويبدو أن هناك تعليمات من ديوان الخدمة المدنية في تعميم تطبيق نظام البصمة ومن خلال الواقع العملي يتضح أن من أكبر مظاهر الفشل الإداري أن تعمد الإدارات الحكومية إلى فرض الالتزام الوظيفي بالحضور والانصراف حتى يصبح مجرد تسجيل الحضور بمواعيد منضبطة وكذلك خروج الموظفين هو الانجاز الوحيد لبعض الادارات الحكومية.
الإدارة الناجحة هي من تجعل من الإنتاجية والتحفيز على العمل والإنجاز هو الدافع على الحضور الى العمل، الإدارة الناجحة هي التي تخلق علاقة حب بين الموظف وبيئة عمله، يستشعر فيها الموظف معاني عدالة التقييم والمساواة في الثواب العقاب وخلق الحوافز لزيادة الإنجاز وتحقيق الانتاجية الحقيقية.
أقول ذلك ونحن نلاحظ إصرار ديوان الخدمة المدنية بالتعميم على الوزارات بتطبيق بصمة الحضور والانصراف على الموظفين في حين تعاني أغلب إدارات الحكومة من الترهل الاداري وضعف الإنتاجية أو انعدامها أحياناً على الرغم من تراكم أعداد الموظفين حتى أن أغلبهم لا يجد كرسيا ولا مكتبا يجلس عليه فيقضي هؤلاء الموظفون فترة الدوام يجولون بين مكاتب الإدارات بلا عمل بل قد يتسببون في تعطيل من لديه عمل.
هناك مشكلة في سوء توزيع الوظائف وتقدير احتياجات الإدارات هناك عجز شديد في بعض الإدارات وخاصة الفنية والمهنية في حين هناك تخمة في الجهاز الإداري.. المشكلة في الوضع الحالي أن ديوان الخدمة شهريا يعين دفعة لما يزيد على ألف شخص يوزعهم على ادارات الدولة بخلاف رغباتهم المسجلة وبخلاف اختصاصاتهم فيحدث التوظيف العشوائي ويصبح التوظيف مجرد أرقام تزيد أعداد من انضم الى جيش الموظفين دون تقييم حقيقي لمدى حاجة الجهات الادارية.
مع اتباع سياسة الإلزام بالحضور بوسائل البصمة والكرت وغيرها تحولت إدارات كثيرة في الدولة إلى ما يشبه «مراكز إقامة جبرية» يخرج فيها الموظف من بيته باكراً ليصل في موعد بصمة الحضور المقدس وهو يشارك بفاعلية في زيادة أزمة المرور الصباحية ويواصل تواجده بلا عمل ولا إنتاج بانتظار بصمة الانصراف وينتهي دوامه بلا بصمة انجاز بل «بصمة دوام».
الرئيسية / كتاب وآراء / ‘البصمة’ حولت إدارات الدولة إلى ‘مراكز إقامة جبرية’.. هذا ما يراه ناصر المطيري