هل إذا كنت معدماً وجائعاً ستخطف قطعة الخبز التي بيد الطفل النحيل البائس، أم أنك سترتقي إلى مرحلة إنسانية عظيمة وتكف عن سرقة الخبز لتسد رمقك؟ وفي حال اخترت أن تسرق وتركت الطفل يتضور جوعاً وألماً، وقد ملأت معدتك، هل تستطيع أن تكمل يومك من دون شعور بالذنب تجاه الطفل؟!
لا أستطيع أن أجزم بسلوك موحّد على صعيد كل البشر، فمنا يمكن أن يؤثر في نفسه ويقوم بإخراج اللقمة من فمه لإطعام الفقير. الكثير من دعاة السلام لا يزالون يتساءلون عن سبب شرور البشر المستمرة التي تعصف بالأرض، على الرغم من أنه من الممكن أن ينتهي أي شر بكلمة تدعو لقطع استمراريته. الصراع بين البشر هو مصالح ذاتية، حتى وإن كان هناك اكتفاء ذاتي، فالبعض يسرق الخبز من الآخر ولديه قطع من الكعك.
حاول علماء النفس تفسير هذه القضية، وتوصل منهم أن الشروع في الاعتداء على الآخر قد لا يكون بهدف سد الحاجة بأخذ ما عند الآخرين، إنما هو بدافع استباقي أي سوء الظن تجاه الآخر هو من يدفع إلى الهجوم، وبما أن الطرفين يسيء الظن أحدهما بالآخر، فسيدخلان في خلاف. أحياناً كثيرة أيضاً تكون هذه الاعتداءات وافتعال المشاكل نتيجة مبدأ لا أخلاقي يؤمن فيه الطرف المهاجم، وهو أن كل ما كان ممكناً يجب صنعه! يعني بما أنه يمتلك القدرة على الحصول على المزيد، فإنه يقوم بأعمال غير مشروعة بهدف في نفسه. فالشيء الممكن ليس بالضرورة أن يكون أخلاقياً. إذا نظرنا إلى الحروب والتي هي أشد أنواع الشرور، لأنها تهلك الأرض ومن عليها، فسنجد أن أسبابها بهدف خدمة مجموعة من الناس، فمثلاً حروب الأباطرة القدماء أساسها الرغبة في بسط سلطانهم على أكبر مساحة، أي بالنهاية تعود إلى مصالح أنانية، والأنانية المضرة بالآخر تقع على الطرف النقيض من الإنسانية.
وإذا أتينا لموضوع الشخص الذي ربما سرق قطعة الخبز من الطفل، فإنه خاض الحرب الافتراضية ضد ضعف الطفل. لماذا لم يتقاسم القطعة معه، بدلاً من الاستيلاء عليها؟