احتفلت جريدة «الاتحاد» يوم 20/10/2015 بمرور 46 عاماً على صدورها، كما التأم في أبوظبي المنتدى السنوي العاشر لـ«الاتحاد» بعنوان «اليمن.. الانقلاب الحوثي والرد الخليجي»، وقد تضمن أوراق عمل عديدة ورؤى وآراء حول مستقبل اليمن.
ومن الآراء المهمة التي رصدتها خلال المنتدى: أن «الخليج لا يقود العرب، بل لكل دولة خليجية مشاكلها» (د. شملان العيسى)، وأن عاصفة الحزم «جزء من سياسة الإنهاك» (د. علي الطراح)، والثقة غائبة في القيادة العسكرية في اليمن (د. صالح المانع)، وأننا أمام شرق أوسط جديد، حيث تشير «عاصفة الحزم» إلى فراغ أمني (د. عبدالله الشايجي)، وأن هناك انقساماً في تحالفات العالم العربي منذ غزو صدام حسين لدولة الكويت (د. رضوان السيد).. علاوة على تساؤلات حول ما إذا كانت دول التعاون منسجمة مع بعضها البعض في ظل استفحال الدور الإيراني؟ (د. عمار علي حسن)، وهل يكون تحالف عاصفة الحزم نواة لقوة عربية مشتركة؟ (د. وحيد عبدالمجيد).
تلك عينة من الآراء التي طرحت خلال المناقشات وجلسات العصف الذهني في المنتدى، ومن خلالها نلاحظ أن المشاركين كانوا يرسمون حالة الانقسام داخل العالم العربي، دونما قفازات دبلوماسية! وقد ركّز العديد من الزملاء على موضوع «غياب الرؤية»، متسائلين: هل توجد رؤية حقيقية لما بعد عاصفة الحزم، أم أن الحرب جاءت كردة فعل لما جرى من اغتصاب الشرعية على أيدي الحوثيين؟ لكن «عاصفة الحزم» توقفت بعد 27 يوماً من بدئها، كما ورد على لسان المتحدث العسكري للتحالف العربي، بيد أنها ما زالت مستمرة حتى هذا اليوم، وهو مؤشر لشيء معين ربما تكشفه الأيام! لقد كان الانطباع الذي استنتجناه من كلام المتحدث العسكري أن القضاء على الحوثيين سوف يتم خلال أيام معدودات، لكن استمرار الضربات العسكرية يعطي مؤشراً لما ستؤول إليه الأمور مستقبلا.
وفيما يتعلق بالموضوع الإيراني، توجد مقاربات غير موحدة لعلاقة دول التعاون مع إيران، وهذا يبدو جلياً في مشاركات الدول في التحالف، أي حجم المشاركة وضراوة الحرب الإعلامية! هنالك دول مكّنتها ظروفها الداخلية والديموغرافية من عدم التأثر بتصدير الثورة ومن التصدي للتدخلات الإيرانية، لذلك فإن ظروفها أفضل من غيرها في تحسس الخطر الإيراني، وهذا من أسباب التباين في الموقف الخليجي حيال إيران.
أما ما يُطرح حول قيادة دول التعاون للعرب أجمعين، وأن عاصفة الحزم تشكل نواة للقوة العربية المشتركة، وأن العرب قادمون بقوة في المجال العسكري، فكل ذلك يحتاج بعض التأني والتمحيص، كما أن التحالفات العربية السابقة، والتي أملتها ظروف ومقاربات عاطفية، لم يكتب لها النجاح. صحيح أنه وجد تحالف عسكري واقتصادي قوي خلال حرب 1973، وكان هناك تحالف خلال حرب تحرير الكويت عام 1991 وقيام «إعلان دمشق»، كما وجدت «هيئة التصنيع الحربي» بعد نكسة 1967 في القاهرة، والتي بدلاً من أن تصنّع الدبابات والرشاشات، انشغلت بتصنيع الثلاجات والأفران، وضاعت الأموال المستثمرة فيها. لقد كانت تلك التحالفات ظرفية، وحامت حولها المصالح الذاتية للدول. لذا نرى أن حلم استنساخ عاصفة حزم جديدة في كل من سوريا والعراق وليبيا والصومال -ولربما فلسطين أيضاً- هو حلم بعيد المنال ولا توجد له ركائز على الأرض.
الحديث عن «سياسة الإنهاك» حمل تساؤلات حول حقيقة ذلك الإنهاك؟ فهل هو مصيدة من قبل إيران، لكي تشاهد «بروفة حرب» مع دول المنطقة، وتظل هي على مقاعد المتفرجين دونما جهد أو خسائر، أم أن الأمر جزء من مخطط أميركي واسع لإنهاك المنطقة عسكرياً ومالياً، ولتظل الحاجة قائمة للسند الأميركي؟ لم يستطع أحد الإجابة على هذه التساؤلات، لكنها تستحق التفاتة من أصحاب القرار السياسي.