انعكس الخلاف السياسي القائم في لبنان خلال السنوات الاخيرة على عمل المؤسسات الدستورية وفي طليعتها مجلس النواب الذي تعثر عمله التشريعي بشكل كبير منذ شغور موقع رئاسة الجمهورية في مايو 2014.
واضافة الى تعثر عمل المؤسسات فان عدم الاستقرار السياسي والاوضاع الامنية التي شهدت فترات من التوتر بالتزامن مع الازمات الاقليمية المتفجرة لا سيما في سوريا ادت الى تدهور الوضع الاقتصادي لتتتراجع نسبة النمو بشكل تدريجي.
وفي هذا السياق ارتفعت اصوات المسؤولين في لبنان اخيرا محذرة من خسارة قروض ومساعدات تتجاوز المليار دولار مقدمة من عدد من المؤسسات المالية الدولية وفي طليعتها البنك الدولي بسبب عدم اقرارها داخل مجلس النواب اللبناني مما يحرم لبنان من فرص تنموية كبيرة ستكون لها انعكاسات ايجابية على الاقتصاد والمجتمع.
وقال رئيس مجلس الانماء والاعمار في لبنان المهندس نبيل الجسر في تصريح لوكالة الانباء الكويتية (كونا) ان التأثير المباشر للقروض المقدمة من البنك الدولي ومن كافة الممولين للحكومة اللبنانية هام جدا كونها قروض لمشاريع تنموية حيوية تطال كافة المناطق اللبنانية وهي بحاجة ماسة اليها وتنتظرها منذ سنوات طويلة.
ولفت الجسر الى ان خسارة هذه القروض سيكون لها تداعيات سلبية على البلاد في المدى القريب والمتوسط من الناحيتين الاقتصادية والتنموية خاصة وان تحضير الاتفاقيات تتطلب وقتا طويلا لمراجعتها وتقيميها واقرارها من قبل الممولين ومن قبل الادارات اللبنانية والبلديات وبالتالي فان خسارتها تعيد الامور الى نقطة الصفر اضافة الى ضياع سنوات من العمل التحضيري لهذه المشاريع.
وشدد على ان عدم اقرار اتفاقيات القروض التي تتجاوز قيمتها المليار دولار في البرلمان سيكون له تأثير سلبي على محفظة المخصصات لمشاريع لبنان لدى البنك الدولي والصناديق الممولة للاعوام المقبلة ما يهدد بفقدان لبنان الكثير من المساعدات.
واعرب الجسر عن ثقته بان طريقة التعامل بين البنك الدولي والصناديق الممولة من جهة ولبنان من جهة اخرى ستستمر بشكل ايجابي كون الجهات الممولة على علم بالوضع السياسي الصعب في لبنان ويمكن ان تتفهم الاشكالية القائمة حاليا.
من ناحيته اكد الخبير الاقتصادي الدكتور غازي وزني ل(كونا) اهمية اقرار هذه القروض الانمائية خصوصا وان الموازنة اللبنانية تحت عجز يمنعها من الانفاق الاستثماري التي لا تتجاوز نسبته 5ر1 في المئة وهي نسبة غير كافية لتلبية ادنى الحاجات الاساسية للمواطنين.
ولفت وزني الى ان عدم اقرار القروض في البرلمان قد يدفع البنك الدولي الى اشتراط الموافقة المسبقة على اي قرض يمنح للبنان مستقبلا وهذا سيشكل اجراء استثنائيا غير مسبوق في تاريخ التعامل بين البنك الدولي وبلدان العالم.
واعتبر ان الخسارة الكبرى التي قد يتعرض لها لبنان جراء عدم اقراره القروض الحالية هي تردد المؤسسات المالية العالمية والدول المانحة قبل تقديم اي مساعدات وقروض للبنان خلال الاعوام المقبلة علما انها تعتمد غاليا على احصائيات البنك الدولي وتنسق معه قبل تقديم المنح والقروض.
وذكر ان البنك الدولي سبق واصدر احصائيات تفيد ان حجم المساعدات للبنان يجب ان تتراوح بين 600 الى 800 مليون دولار خلال عام 2016 لمساعدته في تخطي تداعيات ازمة النزوح من سوريا وهي اليوم مهددة فعليا في حال استمر التعطيل الذي اصاب المؤسسات الدستورية في لبنان.
وكان المدير الاقليمي للبنك الدولي في منطقة الشرق الاوسط فريد بلحاج قال في تصريح سابق ل(كونا) ان البنك الدولي سيضطر الى الغاء عدد من القروض والهبات المقدمة للبنان في حال عدم اقرارها امام مجلس النواب وبالتالي سيخسر لبنان هذه المساعدات بشكل نهائي.
ويعتبر القرض المقدم من البنك الدولي لانشاء (سد بسري) في جنوب لبنان اهم القروض التي تحتاج الى اقرار من قبل المجلس النيابي نظرا لاهمية المشروع الذي يتضمن انشاء سد لتأمين مياه الشفة والري ومعملين لانتاج الطاقة الكهربائية من المياه على (نهر الاولي) في جنوب البلاد.
وتبلغ قيمة قرض (سد بسري) نحو 474 مليون دولار امريكي ما يشكل نحو 35 في المئة من اجمالي القروض المحالة لمجلس النواب لاقرارها.
يذكر ان اتفاقيات على هذا المستوى يجب ان يوافق عليها مجلس الوزراء الذي بدوره يحيلها الى مجلس النواب الا ان الاخير ممتنع عن المصادقة على اي اتفاقيات من هذا النوع لحين انتخاب رئيسا جديدا للجمهورية.