الرئيسية / كتاب وآراء / عن صمام الأمان الذي مكّن الكويت من الاستقرار في المنطقة.. تكتب سعاد المعجل

عن صمام الأمان الذي مكّن الكويت من الاستقرار في المنطقة.. تكتب سعاد المعجل

تتمتع سويسرا باستقرار سياسي واقتصادي جعلها ملجأ رؤوس أموال من مختلف دول العالم! يعود ذلك في أغلبه إلى مبدأ الحياد الذي انتهجته سويسرا، ولا تزال منذ سنة 1516، اي بعد سنة واحدة من هزيمتها ضد الجيش الفرنسي في معركة «مارنيون» الشهيرة! ولم تتخلّ سويسرا عن حيادها إلا في عام 1789، عام الثورة الفرنسية، وذلك حين زحفت الجيوش الفرنسية على حدودها! لكن وفي العام نفسه أقرت الدول الأوروبية الكبرى آنذاك بحياد سويسرا، واعترفت كل من فرنسا وبريطانيا والبرتغال وبروسيا وروسيا والسويد والنمسا بحق سويسرا في البقاء خارج دائرة الحروب والنزاعات المسلحة التي كانت في أوجها آنذاك في القارة العجوز!
مسألة حياد سويسرا لم تكن على وتيرة واحدة، وإنما تذبذبت مع تذبذب النزاعات الدولية، فمع نهاية الحرب العالمية الأولى انضمت سويسرا إلى عصبة الأمم المتحدة كما شاركت بعد الحرب العالمية الثانية ببعثة مراقبة وقف إطلاق النار بين الكوريتين! سويسرا، وبفضل حيادها، أصبحت دائماً طرفاً في «المساعي الحميدة»، التي تنطوي في معناها على مساعدة طرفين في التفاوض المباشر!
لن أبالغ وأدعي أن مبدأ الحياد هو كذلك مبدأ انتهجته السياسة الخارجية الكويتية، ولن أستعيد النموذج السويسري هنا لأقارنه بالكويت، وإنما أردت أن أشير إلى أن مبدأ الحياد السويسري كان هو صمام الأمان الأول لسويسرا في حقبة شهدت نزاعات وحروبا شرسة في اوروبا، وهو (اي الحياد) كان كذلك صمام الأمان الذي مكّن الكويت من الاستمرار والاستقرار في محيط إقليمي مشتعل بالنزاعات والحروب! وموقع جغرافي حرج بين عمالقة إقليميين لديهم من الخلافات فيما بينهم أكثر بكثير مما لديهم من نقاط اتفاق! ولطالما كانت الكويت طرفاً أساسياً في لعبة «المساعي الحميدة» بين المتصارعين في إقليمها.. لا لشيء إلا لكونها قد آثرت أن يكون حيادها هو القاعدة في علاقتها مع جميع الأطراف! لكن حدث الاستثناء عن هذه القاعدة في عام 1980 حين أصبحت الكويت طرفاً في الحرب العراقية – الإيرانية.. فكان ان دفعت الثمن غالياً في غزو همجي لا تزال آثاره باقية.. وكأنما تحذر الكويت من الخروج عن قاعدتها في الحياد!
اليوم «يلوم» بعض الأشقاء في الخليج الكويت وسياستها على ما يعتقدونه «دوراً سلبياً» في المشاركة والدعم للحرب في اليمن، وهو «لوم وعتب» من لم تلامس قدمه نار الغزو والحرب والتفجيرات وخطف الطائرات.. وتهديد الأمن الداخلي.. ومحاصرة السفارات الكويتية! حدث ذلك حين حادت الكويت عن سياستها المحايدة، وأصبحت طرفاً في النزاع.. وليس ساعياً حميداً لفض النزاع بين الاخوة كما هي دائماً!

 

عن ALHAKEA

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*