الجريمة الإيرانية العظمى بحق السوريين
داود البصري
التورط الإيراني لقوات الحرس الثوري في زيادة مساحات القتل والدمار والتدمير في جميع الأراضي السورية بمعاونة عملاء النظام الإيراني من العصابات اللبنانية والعراقية والأفغانية، يضاف لها الجهد العسكري الروسي في محاولات كسر ظهر الثورة السورية وتأمين تسويق جديد للنظام السوري السائر في طريق الإضمحلال والتلاشي، هو بمثابة جريمة مع سبق الإصرار والترصد، وتعبير عن نوايا وأهداف شريرة تضع مجمل الشعب السوري ضحية لها!، وبما يتلاعب بدماء السوريين وتضحياتهم الرهيبة التي تجاوزت مئات الالاف من المحرومين والمجاهدين.
ولعل قمة الاستهتار الإيراني بالمستقبل السوري واستمرار الهيمنة والتسلط تتمثل في تلك التصريحات الوقحة التي أطلقها نائب وزير الخارجية الإيرانية السيد مير حسين عبد اللهيان عن كون وجود وإستمرار الرئيس السوري بشار الأسد في السلطة هو بمثابة خط أحمر لايجوز الاقتراب من حافاته، وهو موقف عدواني وقح لايتناسب أبدا مع القرارات الدولية، ولا حتى مع توجهات الحليف الروسي والذي رغم جرائمه وجرائم سلاحه الجوي ضد المدنيين السوريين لايضع لمصير رئيس النظام أهمية حتمية واستثنائية، بل أنه موضوع قابل للتفاوض إن تأمنت المصالح الروسية!
الموقف الإيراني الملتزم حتى النهاية بالدفاع عن رئيس النظام وجرائمه الإرهابية القذرة لا تشكل تدخلا إيرانيا فظا ومباشرا في الشؤون الداخلية السورية فقط، بل أنها تعبير عن صورة واضحة من السقوط القيمي والخلاقي لمن يدافعون عن نظام هو أكثر إجرامية بحق شعبه في تاريخ المنطقة الحديث، ويدخل ضمن سياقات حالة الاحتلال الإيراني المباشر للوطن السوري، وبما يشكل خرقا لضمانات وقواعد الأمن القومي العربي والإقليمي.
أمير حسين عبد اللهيان لايتحدث بلغة الديبلوماسية والتي لها قواعدها والتزاماتها وحدودها الزمانية والمكانية أيضا، ولكنه يتحدث بأسلوب الغطرسة والتحدي ولغة الحرب وأسلوب بلطجة الحرس الثوري!
الإيرانيون وقد إزدادت مساحات تورطهم، العسكري والأمني، في الشام يعلمون علم اليقين أن أي انسحاب لقواتهم والعصابات الطائفية التي استحضروها معهم يعني إعلان الهزيمة الكاملة، إضافة لأشياء أخرى سترتد عليهم وبالا ونتائج وخيمة في العمق الإيراني، وبما يشكل النهاية الحقيقية لمؤسسة الحرس الثوري الإرهابية التي بدأت اليوم بالاستنزاف التام في الساحة السورية عبر فقدانها لجنرالات وقادة مهمين في أكبرعملية إستنزاف منذ نهاية الحرب العراقية-الإيرانية عام 1988! والواقع إن خسائر الإيرانيين قد ازدادت وتيرتها بعد الغزو الجوي الروسي لسورية، فقد كثف الإيرانيون من تعرضاتهم البرية مما أوقعهم في الفخ، وضرب في الصميم قواتهم وكبدهم خسائر لم يتوقعوها متصورين أن الضرب الجوي الروسي قد هشم دفاعات الثوار وحطم معنوياتهم، فجاءهم الرد من أحرار الشام مزلزلا عنيفا أطار ماتبقى من عقل في قيادة «فيلق القدس» والتي تحملت الجزء الأكبر من الخسائر بعد مصرع غالبية أركان السردار الإرهابي الإيراني قاسم سليماني قائد معارك الغزو الإيرانية في الجبهتين العراقية والسورية وزير الدفاع الميداني التنفيذي الفعلي لهذين البلدين العربيين للأسف!
الإيرانيون في «ركوب رأسهم» وفي الإصرار على الدفاع المستميت عن نظام بشار يغامرون ويقامرون بمصداقيتهم ومستقبل نظامهم، وبمصائر حلفائهم الطائفيين في لبنان والعراق، فالحتمية التاريخية ووقائع الميدان وطبائع الأمور جميعها عوامل تؤكد أن ترحيل بشار ونظامه ليست سوى مسألة وقت فقط لاغير، والخلاف اليوم ليس على المبدأ، بل على التكتيكات المؤدية لذلك وعلى الضمانات الدولية التي تسعى لها بعض الأطراف، ومنها روسيا بطبيعة الحال التي تقاتل وتقتل وتفاوض، أما النظام الإيراني فتصلبه وعدوانيته واستمرار جرائمه بحق السوريين في الشام أمر سيؤدي به في نهاية المطاف لطريق مسدود وسيتجرعون كؤوس سم الهزيمة أكبر بكثير من نسبة السموم التي تجرعوها العام 1988 حين أعلنوا إفلاسهم وعدم قدرتهم على إحتلال العراق واقامة جمهورية الولي الفقيه فيه قبل أن يتكفل الأميركيون بتحقيق ذلك الحلم لهم!
اليوم النتيجة في الشام ستكون مختلفة بالمرة وهزيمة الحرس الثوري هناك ستغير المعادلة الإقليمية بالكامل، وستتداعى بعدها حصون طهران وخطوطها الدفاعية، وهو ما يعلمه الإيرانيون جيدا، ويعملون لتجنب نتائجه المريعة، لكن ما لا يعلمه الإيرانيون هو أن أحرار الشام لن يرضوا بأقل من الهزيمة الشاملة والمذلة للمشروع الإرهابي الإيراني لإجبارهم على الانسحاب الذليل وتطهير الشام الطاهرة من أدرانهم، فيما ستكمل الشعوب الإيرانية المهمة.
سيدفع الإيرانيون ثمن إرهابهم الوقح وجرائمهم الشنيعة ضد السوريين! وستثبت لنا أحداث القوادم من الأيام مصداقية لما نقول، والعاقبة للأحرار والمتقين.