باتت قضايا البيئة على اختلافها هاجسا مزمنا للدول والمنظمات المتخصصة وفي صدارتها الأمم المتحدة التي خصصت لذلك عمل برنامجها الإنمائي المعني بقضايا البيئة مثل التغيرات المناخية والتنمية المستدامة والمحافظة على الحياة الفطرية.
وتطبق الدول والمنظمات كثيرا من الإجراءات للمحافظة على البيئة من ضمنها تشكيل فرق متخصصة بالتوعية بقضاياها والتعريف بمشكلاتها ورصد المخالفات التي تتسبب في تفاقم تلك المشكلات.
ويعد جهاز الشرطة البيئية مثالا يحتذى ومعمولا به في كثير من الدول ويتولى تطبيق القوانين والتشريعات البيئية وحماية عناصرها وتتنوع واجبات هذا الجهاز وتتعدد وأبرزها المراقبة والتنفيذ والحماية لاسيما مراقبة الأفعال التي قد تشكل انتهاكا للبيئة بمكوناتها ثم اتخاذ الإجراءات القانونية والإدارية بحق مرتكبيها.
ومن واجبات الشرطة البيئية عموما تنفيذ قرارات الوزارات المختصة في الأحوال التي تشكل خطرا أو في بعض حالات الطوارئ من خلال إزالة المخالفات البيئية أو الإغلاق المؤقت للمواقع المحددة بتلك القرارات.
وتعنى هذه الشرطة كذلك بتوفير الحماية اللازمة لموظفي الجهات البيئية أثناء تأدية عملهم ومراقبة وضبط المخالفات المتعلقة بالرعي والنفايات والصيد الجائر والتعدي على المحميات والبيئة البحرية والبرية والثروة الحرجية واستنزاف المياه.
وعلاوة على ذلك تختص هذه الشرطة بمراقبة دخول المواد الضارة بالبيئة عبر المراكز الحدودية والجوية وتطبيق الاتفاقيات الجوية والبرية والبحرية الخاصة بالبيئة.
ولا يقتصر جهد الشرطة البيئية على ذلك بل يطول أيضا مساعدة الوزارات والدوائر المختصة في نشر الوعي البيئي بين المواطنين، وبالتعاون مع وسائل الإعلام المختلفة. ولم تكن دولة الكويت بالطبع بمعزل عن الجهود الدولية في حماية البيئة والاهتمام بقضاياها حيث أنشأت بالتعاون مع الهيئة العامة للبيئة إدارة خاصة تابعة لوزارة الداخلية تحت اسم الشرطة البيئية والمتخصصة بمراقبة ورصد المخالفات البيئية للأفراد والجهات المختلفة تعد تجربة رائدة وغير مسبوقة في دول الخليج العربي.
وفي هذا الشأن قال مدير إدارة الشرطة البيئة المقدم حسين محمد العجمي لوكالة الأنباء الكويتية (كونا) اليوم إنه “انطلاقا من التوجيهات الكريمة لسمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح (قائد العمل الإنساني) التي تعزز المبادئ الإنسانية والأمن الإنساني ومن ضمنه حق العيش في بيئة سليمة شرع مجلس الأمة القانون رقم (42/2014) والمعدل بالقانون رقم (99/2015) بإنشاء إدارة شرطة البيئة وحدد مهامها في مواد القانون 113 و114 و115.
وأضاف العجمي أن نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية الشيخ محمد خالد الحمد الصباح تفاعل سريعا مع القانون تلبية للرغبة السامية لسمو أمير البلاد حيث سخر كل الإمكانات لترجمة القانون وإنجاز الإدارة” مشيدا بدور وكيل الوزارة سليمان الفهد ورئيس لجنة إعداد الضوابط الخاصة بإنشاء الإدارة الوكيل المساعد لشؤون الأمن العام اللواء عبدالفتاح العلي في هذا الشأن.
وذكر العجمي الحاصل على درجة الماجستير في علوم البيئة أن وزارة الداخلية أعدت خطة تنفيذية ترتكز على الحملات الإعلامية والجولات الثقافية للتوعية بأهمية دور شرطة البيئة في حماية البيئة والتنمية المستدامة وتعزيز الأمن البيئي.
وبين أن الشرطة تنفذ جولات توعية في المجمعات التجارية والمعارض التي تتعلق بالشأن البيئي ومطار الكويت الدولي والمستشفيات والوزارت كما تعمل الإدارة على منع التدخين بالأماكن العامة المغلقة والرقابة على النفايات واتباع الأساليب البيئية في إدارة المرافق.
وأشار إلى سعي الوزارة من خلال التعاون مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي إلى الاستعانة بخبراء عالميين لإعداد خطة عمل إدارة الشرطة والتعاون مع الشرطة الجنائية الدولية (الإنتربول) لتبادل الخبرات والمعرفة البيئية وملاحقة الجرائم البيئية.
ولفت إلى أن إدارة شرطة البيئة ستشارك خلال شهر نوفمبر الجاري من خلال عدد من الضباط في مؤتمر بمدينة (نيم) الفرنسية للاطلاع على آخر المستجدات والتعاون المشترك البناء في مجال مكافحة الجرائم البيئية.
وقال العجمي إن شرطة البيئة تتولى الرقابة والمتابعة على الاشتراطات البيئية في الدولة وتتولى إسناد سلطات الضبط القضائية إلى الهيئة العامة للبيئة أو أي جهات ضبط أخرى يرى المجلس الأعلى للبيئة إسنادها.
وعن الإجراءات القانونية تجاه المخالفات أوضح أنه تمت إحالة العديد منها إلى النيابة العامة سواء في الجنح أو الجنايات البيئية مشيرا إلى أن دور شرطة البيئة يتمثل في إجراءات الضبط الإداري والمنع المؤقت والضبط والإحالة والتدقيق والرقابة البيئية.
وشدد على ضرورة الامتناع عن الصيد في جون الكويت وإلقاء المخلفات في غير أماكنها المحددة وجرف التربة في المخيمات والتأثير على البيئة الصحراوية بقطع النباتات الفطرية.
ولفت الى استعداد شرطة البيئة للتواصل مع المواطنين والجهات المختلفة في الابلاغ عن اي مخالفات للبيئة من خلال الموقع الالكتروني لادارة شرطة البيئة ورقم وزارة الداخلية للعمليات 112.
وأعرب العجمي عن الشكر لرئيس مجلس الأمة مرزوق علي الغانم وأمين سر المجلس النائب عادل الخرافي وجميع أعضاء المجلس على تشريع هذا القانون.
من جانبه قال مدير العلاقات العامة والتوعية بالهيئة العامة للبيئة خالد مرضي العنزي إن وجود شرطة للبيئة أمر مهم للغاية للحد من المخالفات البيئية بقوة القانون مبينا أن شرطة البيئة تساعد الهيئة من خلال جولات على المصانع والمحميات والموانئ والشواطئ.
وأضاف أن عمل شرطة البيئة وهيئة البيئة عمل تكاملي حيث تتولى الشرطة الجانب الامني في حين تتولى الهيئة الجانب الفني مشيرا إلى أن المخالفات التي يتم إصدارها بحق المخالفين ليست ربحية بل لتوعيتهم بخطورة مايرتكبونه.
وذكر أن المخالفات كافية إذ تبدأ من 50 دينارا وتصل إلى مليون دينار أو الإعدام موضحا ان عقوبة الاعدام لمن يأتي بمواد نووية ويدسها في ارض الكويت.
وأفاد بأن عقوبة التدخين في الاماكن العامة المغلقة 50 دينارا للمرة الأولى وفي حال تكرارها تصبح 100 دينار في حين تبلغ عقوبة المطاعم التي توفر سبل التدخين 5 آلاف دينار.
ونفذت شرطة البيئة عددا من حملات التوعية في مجمع (الافنيوز) آخرها الأسبوع الماضي تحت شعار (تسوى نحميها) بهدف منع التدخين كما يتم ضبط المخالفين لقانون منع التدخين في الاماكمن العامة.
وفي هذا الإطار التقت (كونا) عددا من المواطنين للاطلاع على ردود افعالهم تجاه حملات شرطة البيئة في الأماكن العامة حيث قال المواطن فواز السعيدي إن الحملات إيجابية جدا لحماية مرتادي الاماكن العامة من اضرار التدخين الذي يؤثر سلبا على صحة المدخنين وغير المدخنين.
وأعرب السعيدي عن الشكر لوزارة الداخلية وجهودها في توفير جو صحي للعائلات والاطفال الذين لا ذنب لهم بشأن هذا السلوك السلبي.
من ناحيته قال المواطن فرحان العبيان إن التدخين في الأماكن العامة أمر سلبي تجب مكافحته لأنه يعتبر تعديا على حرية الآخرين من خلال إيذائهم صحيا مبديا سعادته بهذه الحملات التي تقوم بها وزارة الداخلية متمثلة بادارة شرطة البيئة.
بدورها قالت الموظفة نبيلة حيات إن منع الإساءة إلى البيئة ومنها التدخين ينبغي أن يطال الجهات العامة أيضا وليس فقط المجمعات التجارية وغيرها.
وأضافت حيات أن ظاهرة التدخين منتشرة جدا في الجهات العامة رغم التحذيرات والحظر والعقوبات التي قد لا يتم تفعليها في هذا الشأن واصفة تجربة الشرطة البيئية بأنها رائدة ومطلوبة جدا وتعطي انطباعا حضاريا عن احترام الإنسان وبيئة بلده.