في لقاء لمجلة «النيوزويك» الأميركية مع الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم قبل ايام، سألته المحررة:
صاحب السمو… ما رؤيتكم للاقتصاد العالمي… وهل هو في بداية الخروج من عنق الزجاجة ام بداية الدخول في ركود طويل؟ فأجاب: «لست محللا اقتصاديا… ويمكنكم بالتأكيد الحصول على اجابة افضل من المتخصصين، ولكن ما اعرفه من خلال خبرتي انه من الخطأ الكبير ان تعتمد الحكومات فقط على ما يقوله المحللون الاقتصاديون ومتابعو الاسواق الدولية واصحاب التقارير المسؤولة عن المؤشرات، الاقتصاد العالمي خلال الاعوام العشرة القادمة هو غير الاقتصاد العالمي خلال العشرة السابقة ولذلك مهمة الحكومات هي التنبؤ بهذا المستقبل والاستعداد له ليس المهم هو تقلب الاسواق الاقتصادية الحالية، المهم هو ما القطاعات التي ستقود اقتصاد العالم خلال السنوات القادمة، حتى نكون ضمن هذه القطاعات من اليوم، من كان يظن قبل عشر سنوات مثلا ان شركة مثل ابل سيبلغ حجمها اكبر من شركات نفط عمرها اكثر من مئة سنة..شركة مثل اوبر هي الاكبر عالميا في مجال النقل، وهي لا تمتلك اية سيارات او سائقين، وقيمتها تتجاوز 50 مليار دولار عدة سنوات فقط، هل تعرفين ان متوسط عمر الشركات في قائمة الخمسمئة شركة الاكبر عالميا كان 75 عاما، اما اليوم وفي عالم سريع التغير والتفاعل، فإن متوسط اعمار الشركات في هذه القائمة هو 15 عاما فقط».
ما دامت عجلة التنمية في الكويت قد انطلقت بفضل الله تعالى وركب القطار السكة – كما يقولون – فإن الواجب هو النظر بعين الخبير الى تغيرات الاقتصاد العالمي وتوجهاته المستقبلية، وعدم الاقتصار على السعي الى بناء البنية التحتية الصلبة مثل الطرق والجسور والبيوت وغيرها، والتي تمثل اليوم مطلبا اساسيا للشعب الكويتي بعدما عانى من تردي الخدمات لسنوات طويلة، ففي الوقت الذي تلهث فيه الحكومة لتحقيق تلك الانجازات التي اصبحت من الماضي في بلدان العالم الاخرى وتعتقد بأن صرف جميع فوائضنا المالية على انجازها هو غاية المطلوب، فإننا سنفاجأ بأن ذلك لن يحقق لنا التقدم المطلوب ولن ينهض باقتصادنا، وهذا ما لفت اليه الشيخ محمد وهو اهمية الاستثمار في الاصول غير المرئية فقال: «متوسط عمر الشركات في قائمة الخمسمئة شركة الاكبر عالميا كان 75 عاما، اما اليوم وفي عالم سريع التغير و التفاعل فإن متوسط اعمار الشركات في هذه القائمة هو 15 عاما فقط».
وزاد حاكم دبي «ان الاقتصاد العالمي يمر بطفرات اقتصادية لا بد من الانتباه لها والبناء عليها، اذا لم تنتبه الحكومات لذلك ستظل متخلفة عن غيرها» واستطرد قائلا «اليوم مثلا الاصول غير المرئية اهم من الاصول المرئية، هل تعلم ان 80 في المئة من اصول الشركات الخمسمئة الاكبر عالميا هي في اصولها غير المرئية كالابحاث والدراسات والاختراعات و20 في المئة لأصولها المادية وقبل 40 سنة فقط كانت النسبة بالعكس تماما».
واوضح انه «ليس سرا ان حكومات اميركا واوروبا تصرف مجتمعة سنويا اكثر من 250 مليار دولار من الاموال الحكومية على الابحاث والتطوير لتبقى في مواقع الريادة العالمية».
هذه الوصفة التي كتبها لنا الشيخ محمد هي وصفة جاهزة ونستطيع تبنيها بسهولة، بدلا من ان تأتي اجيال جديدة تفاجأ بواقع جديد لا تستطيع التكيف معه، ولا تمتلك ادواته ومهاراته، ولا تحسن العمل في بيئته ومن ثم تظل دولنا خارج السباق الحضاري كما ذكر الشيخ محمد!