زاوية حادة – ثروة الإقامات
بدر خالد البحر
عقد اجتماع في يونيو الماضي لفريق الحوار التنموي، التابع للأمانة العامة للتخطيط والتنمية، يضم قيادات أمنية وآخرين، ولا نعتقد أن أحداً اكترث، أو بالعامية «اخترع» للمعلومات التي تفضّلت مديرة الادارة المركزية للإحصاء بالكشف عنها، والتي مفادها أن نسبة الكويتيين في إحصائية العام الماضي هي %31، وأن هناك خللاً في تركيبة جنسيات الوافدين، حيث يبلغ عدد المصريين والهنود أكثر من نصف عدد السكان، وباعتقادنا المتواضع أنه إذا ما أخذنا الزيادة الطبيعية للوافدين، فإن نسبة المواطنين الحالية ستكون قريبة من الربع، وليس ثلث عدد السكان الذي نعتقد أنه تجاوز الأربعة ملايين نسمة.
لقد اطلعنا كذلك على دراسة تحليلية أعدتها ادارة الدراسات والبحوث في قطاع البحوث والمعلومات بمجلس الأمة عام 2012، بينت الكثير من الآثار السلبية الاجتماعية والأمنية والاقتصادية، كارتفاع معدل الجريمة والسيطرة على بعض قطاعات الأعمال، وارتفاع تكلفة الدعم المالي المقدم من الدولة لمرافق الكهرباء والماء والمواصلات والرعاية الصحية، التي تتعرض لزيادة في الضغط.
وهنا لنتوقف عند هذا الحد من التنظير والكلام المنمق والاحصائيات، ونفتح غطاء البالوعة، حيث يكمن في قاعها السبب الرئيسي لهذه الكارثة، فالكويت التي ليس لديها ثروة طبيعية سوى النفط، فيها ثروتان قد لا يعرفهما كثير وهما الأراضي والإقامات، وهناك بعض الأقطاب المتنفذة تمتلك سلطة توزيعهما بعد احتفاظها بنصيب الأسد، فالأراضي عرفناها، أما الإقامات فمن مقدورهم منحك مئات أو آلاف الإقامات، وعليك الحسبة. ولنفترض أن عدد المواطنين مليون ومئتان، وأن هناك ستمئة ألف من الخدم، ولنفترض أن هناك مليون وافد إقاماتهم صحيحة، ويعملون بعقود حكومية أو لدى القطاع الخاص المهني، فإنه سيتبقى لدينا تقريباً مليون وافد لتجارة الإقامات، وإذا كانت تكلفة الإقامة للسنة الواحدة هي خمسمئة دينار، فذلك يعني أن هناك نصف مليار دينار سنوياً تدخل جيوب هؤلاء.
إن هذا الرقم التقديري الافتراضي لحجم ثروة الإقامات توازيه مشكلة أخرى، وهي تحديد تعريف العامل الهامشي في دولة لديها ما يقارب مئة وخمسين ألف طلب إسكان متراكم، حيث لا يمكن اعتبار عامل البناء البسيط، الذي يحفر ويحمل الطابوق على ظهره هامشياً، وكذلك المعلم والطبيب، ولكن ليس الطبيب الذي صار يتم جلبه من الخارج ليعالج عمالة أكثرها وافدة في مستشفيات تعج بالوافدين، في بلد صارت تجلب له عمالة وافدة أكثرها عازبة لتخدم العمالة الوافدة، فأصبحوا متضامنين قد يشكلون خطرا اجتماعيا واقتصاديا، وكذلك خطرا أمنيا، وما حادثة القتل والمشاجرة الأخيرة بين اربع مواطنين واثني عشر وافدا إلا خير دليل، ولكن قدرنا أن نتحمّل كل هذه الاخطار لتهنأ عيون هؤلاء الاقطاب المتنفذة وعيون من توزع عليهم ثروة الاقامات.
***
إن أصبت فمن الله وإن أخطأت فمن نفسي والشيطان.