الملاحظ أن أغلب الدول العربية في الخمس سنوات الأخيرة مرت بحالة من التحولات السياسية أي بعدم الاستقرار على مستوى الشعوب والسلطات الحاكمة، مما أدى الى تصادم الشعوب مع الحكومات التي تحكمها فبدأت الشرارة الأولى في تونس التي كان بها مليون مخبر على جميع التراب التونسي ذابوا في وسط الشعب فخلعوا عباءة الموالاة للحكومة إلى عباءة المعارضة الشعبية فسقط زين العابدين الذي حكم بالحديد والنار لمدة ربع قرن فخرج من البلاد غير مأسوف عليه فأصبحت تونس الدولة العربية الوحيدة التي مرت بما يسمى الربيع العربي تعيش في حالة من الاستقرار السياسي وحكم الشعب لنفسه أي انها الديموقراطية الحقيقية وهي عكس باقي جميع الدول العربية التي مرت بنفس ما مرت به تونس بداية من مصر إلى ليبيا مرورا بسورية إلى اليمن إلى تقسيم السودان ولبنان، ولكن هذه الدول اما أنها تعيش في حالة من الحروب الداخلية بين الشعب وحكوماته أو أنها تعيش في حالة من عدم الوئام بين الشعب والسلطة، هذا فضلا عن العراق الذي يعيش فريسة للأحزاب والميليشيات منذ سقوط النظام البائد في 2003 فلا نظام يحكم ولا شعب محكوم، نعود هنا إلى عنوان المقدمة فما بدأناه هو عملية توضحية لما يجري لهذه الدول ولماذا دول الخليج في منأى عما يحصل في هذه البلدان لعدة أسباب:
أولا: وجود النفط فالخليج يحتوي على نصف إمداد العالم من البترول.
ثانيا: حكومات عليها شبه إجماع من الولاء الشعبي رغم وجود شيء من المعارضة في هذه الدول لكنها معارضة ضعيفة لعدة أسباب أولها قلة أعدادها، ثم ضعف تمويلها.
ثالثا: أن الغرب لا يريد أن يغامر بتبديل الحكومات الخليجية التي تتمتع معها بعلاقات متينة بمعارضة تنقلب عليها في المستقبل.
رابعا: أن الغرب يريد أن تكون الحكومات الخليجية محتاجة باستمرار له، أحيانا بتحريك الخلايا النائمة في الخليج وأحيانا أخرى بإطلاق إيران للتدخل في الشؤون الداخلية لدول الخليج حتى لا تستغني بلدان الخليج عن الغرب.
خامسا: حكومات الخليج هي أكبر مستورد للسلاح في العالم بنسبة ٤٠% من السلاح المباع في العالم بأكمله وهي نسبة رهيبة.
هذه الأسباب وأسباب أخرى استخباراتية كلها جعلت الخليج مستقرا لهذه اللحظة، ولكن إن أردنا استمرار هذا الاستقرار السياسي فيجب على دول الخليج الاعتماد على نفسها عسكريا، ويجب على دول مجلس التعاون الخليجي التقارب مع بعض أكثر وأكثر فهناك بعض الخلافات يستطيع أي عدو أو حتى من يدعي الصداقة من بعض الدول أن يستغلها في تحريك هذه النعرات وأيضا توحيد الصف في جميع الأمور السياسية والاقتصادية والأمنية وتوسعة مشاركة الشعب في الديموقراطية فما قبل خمسين عاما لا يصلح للأجيال الحالية والأجيال القادمة، فيجب مشاركة الشعب في اتخاذ القرار السياسي حتى يكون هناك نوع من الديموقراطية ولو كانت مقننة في بعض الدول فلا بأس في ذلك، فالإصلاحات السياسية تبدأ بخطوة أولى ثم بعد ذلك تتبعها خطوات أخرى فالأمن الخليجي وان كان يعيش مستقرا في هذه الأعوام إلا أن الأمن مستهدف في أي لحظة كانت مع تبدل المعطيات الإستراتيجية التي تحكمها المصالح وليست العلاقات التي تزول متى ما رأت الدول الكبرى أن علاقات الدول في منطقة أخرى من العالم أجدى وأهم من الخليج العربي، فالدول المتحالفة هي الدول التي تفرض نفسها على الجميع، فنصيحة يا خليجنا الكونفيدرالية هي قوتنا واستقرارنا.