تطورت وسائل تسجيل حضور الموظفين إلى مواقع عملهم، لكن هل زار المسؤولون مواقع العمل ليروا من يعمل؟ هذا إذا كان هناك عمل أصلاً. باستثناء عدد محدود من الوزارات والهيئات الحكومية، العمل في أغلبية الوزارات مفقود، ووجود الموظف وعدمه سيان، إذ يزاحم الموظف في ذهابه إلى العمل وفي رجوعه منه، ويقضي سبع ساعات لا يعمل شيئاً… أليس من الأفضل لو بقي في البيت؟ تريدون توظيف الكويتيين إذن أعطوهم عملاً، ولا يقل لي أحد: من أين؟ أو كيف؟ فالبلد محتاج إلى العمل الجاد، لكن لا أحد يلتفت إلى هذه الناحية…. المهم توفير الوظيفة، لكن كيف نسير الدولة وأعمالها بكفاءة وأمانة ودقة وتوفير خدمات الدولة بيسر فإن هذا قد ترك للغيب، المهم أننا وظفنا الكويتيين، لكن كيف نستفيد منهم وكيف ننمي قدراتهم وكيف يخدمون بلدهم وعملاءهم فذلك مؤجل. يكفي أن نطمئن إلى حضورهم في موعد العمل والحصول على بصمتهم لكي نصرف مرتباتهم، لكن ماذا يعملون؟ هذا ليس في أولويات اهتمامنا.
حتى الآن نحن دولة مانحة للداخل والخارج، والوظيفة إحدى وسائل المنح، إن كثيراً من أبنائكم يأنفون ويخجلون من هذا، يخجلون أن يبقوا سبع ساعات يومياً بلا عمل يتكلمون عنه أو إنجاز يفخرون به، ولذلك لا يرون ضرورة للحضور ويتحايلون على نظام البصمة أو غيره.
انظروا إلى الوزارات التي تعمل، تجدوا الكويتي من أول الحاضرين، يقوم بعمل متواصل، وإن كان بأسلوب متأخر وبالٍ، لكنهم يسعدون لأنهم يؤدون عملاً مفيداً، ليس عندهم حالات تأخر أو تلاعب بنظام الحضور، لأن عمله يتأخر وغيابه ينكشف، لأنه مسؤول عن عمل حقيقي معروف، وله ناس ينتظرونه.
قلنا، ومازلنا نقول، إن الوظيفة العامة بحاجة إلى إعادة صياغة، وهذا ما كتبته مراراً حول البديل الذي سمي عنوة بالاستراتيجي، فالقضية ليست في توصيف ما هو قائم، بل في صياغة جادة للوظيفة العامة تعطي للعمل قيمة ومعنى، وتعطي للبلد حقه وللناس الخدمات التي يتوقعونها. لا تحاكموا مَن زوروا بصمة الحضور، فهم قد وفروا عليكم زحمة المرور وضغط المواقف واستهلاك الشاي والقهوة وكهرباء كمبيوتر تصرف للتسلية ومباريات الألعاب.