حسبما أفاد بعض المراقبين أن اعتداءات باريس كانت بهدف زعزعة فرنسا عن موقف معين، وقد أسفرت تلك التفجيرات عن العديد من القتلى والجرحى، والملفت للنظر ولا غرابة في ذلك أن دول العالم تعاطفت مع الضحايا الأبرياء والذين ماتوا دون سبب ولا ذنب سوى أنهم ينتمون للإنسانية، بالرغم من موت العديد يومياً من العرب والمسلمين في شتى أنحاء المعمورة وإن كنا نرى استنكاراً وشجباً لذلك، ولكن ليس بنفس المستوى الذي استنكر الاعتداء الأخير، ولم يلاقِ المساكين العرب ذلك الزخم الإعلامي الذي يشجب قتلهم دون ذنب كما هو الحال لأبناء أوروبا، فما السبب في ذلك؟ هل دماؤهم أغلى من الدماء العربية والإسلامية أم ماذا؟
فمن يطرق الباب يجد الجواب، فمنذ قرون أوروبا قد تجاوزت الخلافات التافهة التي يعيشها الآن أبناء الأمة العربية ، وقد دفعت اوربا ثمناً لذلك بحيرات من الدم وأكوام من الجثث، فباتوا يعيشون بسلام ويتعايشون فيما بينهم، ونحن لازلنا يقبع بيننا المتخلفين الذين لا يفقهون سوى كلمة “لا” لمن يخالفهم الرأي، ويريدون فرض رأيهم على الغير دون أي دراية أو علم، بل بكل الجهل هذا يأتي أحد الزاعمين بحملة الشهادة العليا أو حتى من يعتقد بأنه قد تشبع من الدين بمعرفته واستنطاق أحكام الدين حسب فهمه الغبي، ليصدر أحكاماً على الآخرين، ويعطي لنفسه الحق بأن يقول هذا يجوز ويقول لذلك لا يجوز، وكأنه وصي على الدين كما يزعم ويعتقد أن ذلك من موجبات إكمال دينه، وعلى حد تفكيره الأحمق يتبادر إلى ذهنه بأن دينه لا يكتمل إلا بفرض رأيه على الآخرين، وبأمور قد لا ترقى إلى النقاش أو حتى الالتفات إليها متناسياً أن دين الإسلام هو دين السماحة والتراحم، وأن الدين للناس كافة وليس مقصوراً عليه وحده، دون أن يستوعب النصوص والقواعد الدينية التي أقرت للإنسان وجوب العيش بأمان، لذلك فالنوعية تلك من الناس قد انتشرت وللأسف كانت سبباً في استهداف الإسلام وتشويه صورته أمام الغير، وتطورت تلك الأفكار التي مصدرها ذلك الجاهل ليتبناها من هو أحمق منه، لتصدر بالنهاية بصورة أفعال لم يقرها دين ولا منطق، ولا يتقبلها عقل حتى تنتج لنا الإرهاب وقتل أبرياء، وتكسب لنا العداوة والبغضاء من كل شعوب العالم، فيجب مراجعة ما يفكر به ذلك المعتوه والحجر على ذلك التفكير، ليبقى الإسلام نفياً من تلك الشوائب كما اراد الله تعالي، وحتي لا تسترخص دماؤمنا وتبقي دماء الغير الاغلي ثمنا.
المحامي عبدالله ضعيان العنزي